انتزع فيلم بالأبيض والأسود جائزة الأسد الذهبي كأحسن فيلم في مهرجان البندقية السينمائي، أول من أمس. والفيلم دراما فلبينية عن امرأة تعاني صراعاً داخلياً بين غليل الانتقام ومشاعر الصفح، بعد 30 عاماً قضتها في السجن عن جريمة لم ترتكبها.
ووصف لاف دياز مخرج فيلم «أنج باباينج هومايو» (المرأة التي رحلت) بأنه شهادة عن كفاح الفلبين بعد عقود من الحكم الاستعماري، وما تلاه، وأهدى الجائزة لوطنه.
وقال دياز (57 عاماً) لدى تسلمه الجائزة عن فيلمه الذي تدور أحداثه في نحو أربع ساعات «أهدي هذه (الجائزة) لوطني.. للشعب الفلبيني.. لنضالنا.. لنضال الإنسانية. أشكركم.. شكراً جزيلاً لكم».
وهذا العام تنافس 20 فيلماً أميركياً ودولياً لكبار نجوم هوليوود ومخرجيها في الدورة الـ73 لأقدم مهرجان سينمائي في العالم.
وحصل فيلم «نوكتورنال أنيمالز» لمصمم الأزياء توم فورد على جائزة لجنة التحكيم، بينما ذهبت جائزة أفضل مخرج مناصفة لكل من الروسي أندريه كونتشالوفسكي عن فيلمه «راي»، الذي يجسد المحرقة النازية، والمكسيكي آمات اسكالانتي عن فيلم «لا ريجون سالفاي». وفاز الأرجنتيني أوسكار مارتينيز بجائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم «إل سيودادانو إيلاستر»، في حين حصلت الأميركية إيما ستون على جائزة أحسن ممثلة عن دورها في الفيلم الموسيقي «لا لا لاند».
وحصلت الممثلة الألمانية باولا بير على جائزة مارسيلو ماستروياني لأحسن ممثلة صاعدة عن دورها في فيلم «فرانتس» الذي يصور دراما ما بعد الحرب. أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة فذهبت لفيلم «ذا باد باتش»، للمخرجة الإيرانية انا ليلي أميربور، وهو من أفلام الكوميديا السوداء عن أكلة لحوم البشر.
وحصل نوح أوبنهايم على جائزة أحسن سيناريو لفيلم «جاكي»، الذي أخرجه بابلو لارين، الذي يصور حياة السيدة الأولى الأميركية جاكلين كنيدي، بعد اغتيال زوجها الرئيس الأميركي جون كنيدي.
وكانت الممثلة تشارو سانتوس كونسيو، التي تؤدي دور البطولة في الفيلم الفلبيني، قد قالت في تصريحات سابقة إن مهارة المخرج لاف دياز في استكشاف الدراما الإنسانية بعمق هي ما أغراها للعودة إلى السينما، بعد نحو عقدين من الانقطاع. وتصل مدة الفيلم إلى 226 دقيقة.
فيلم Lights Out أو «انطفاء الأنوار»، المقتبس من فيلم قصير بالاسم نفسه، وللمخرج السويدي نفسه، ديفيد ساندبيرغ، يعتبر مثالاً جيداً على توظيف فكرة قديمة بأسلوب جديد.
الفيلم يستند إلى حقيقة نفسية، وهي خوف الإنسان من الظلام، وهي حقيقة موجودة في كل المجتمعات في العالم، حيث لايزال هناك أشخاص يخافون من فكرة إطفاء النور في غرفهم أثناء النوم. هي خدعة نفسية أكثر من حقيقة، وهو استغلال أكثر من كونه استناداً، لن يستطيع أي شخص تذكر أي فيلم استغل الفكرة أولاً، لكن «لايتس آوت» استغلها واستثمرها بطريقة صحيحة.
غموض عالم الجن والشياطين أو الأشباح، حسب المفهوم الغربي، هو ما يثير فضول البشر، وبعض الأشياء من الأفضل أن تترك غامضة، خصوصاً هذه المتعلقة بعالم ما وراء الطبيعة، إلا أن هوليوود لديها رأي آخر، فقررت إعطاء الجن (الشياطين) الأشباح سير ذاتية وهويات وقصصاً في أفلامها!
«ديانا»
بداية جيدة
Image may be NSFW. Clik here to view.
سينما الرعب توجت هذا العام بفيلم The Conjuring 2، الذي تفوق على الجزء الأصلي، وكان ملحمة في سينما هذا الصنف، أما «لايتس آوت» فهو فيلم متواضع، يعكس جهوداً كبيرة لعرض فكرة بسيطة بطريق ذكية واحترافية.
«لايتس آوت» هو تمرين وبداية جيدة جداً بالنسبة لساندبيرغ كأول فيلم طويل، ومن المأمول أن نرى فيلماً أفضل من هذا المخرج مستقبلاً.
100
مليون دولار إيرادات الفيلم الذي حقق نجاحاً ضخماً غير متوقع.
القصة عن روح شريرة أو جنية بمفهومنا، أو شبح بمفهوم المجتمعات الغربية، تعاني نفوراً شديداً من الضوء. هذه الجنية اسمها «ديانا»، دائماً متعطشة للدماء، ومن علامات وجودها في مكان ما انطفاء نوره فجأة، دون سبب، أو يبدأ في الخفوت بسرعة قبل الانطفاء، وحالما يغرق المكان في الظلام تهجم «ديانا» كوحش كاسر، وتنقض على ضحيتها بمخالب تشبه تلك التي في شبح The Conjuring، ولا غرابة مادام جيمس وان، مخرج ذلك الفيلم، هو أحد منتجيه.
بعد مشهد المقدمة الجميل الذي تقضي فيه «ديانا» على ضحيتها الأولى، ينتقل ساندبيرغ إلى بطلة الفيلم ريبيكا (تيريزا بالمر)، التي هجرت منزلها بعد أن بدأت والدتها صوفي (ماريا بيلو) في التصرف بغرابة شديدة بعد وفاة والدها (والد الأم)، ووصل الأمر إلى حد أن صوفي أصبحت تحدث نفسها، أو تتخيل وجود صديق وهمي.
ريبيكا لديها أخ أصغر غير شقيق يدعى مارتن (غابرايل بيتسمان)، الذي بدأت تظهر عليه أعراض غريبة بعد وفاة والده. مشكلة صوفي تتمحور حول إصرارها على أن صديقة الماضي المتوفاة «ديانا»، التي كانت تعاني مرضاً جلدياً يجعلها تتأثر بالضوء، ما أجبرها على عيش كل حياتها في قبو، حيث الظلام الدامس، لاتزال موجودة في حياتها.
«ديانا» الشبح تهرب في حال تعرضها لأي ضوء، سواء معلقاً في السقف أو محمولاً في اليد أو حتى لو كان ضوء السيارة أو «نيون»، بالضبط مثل مصاصي الدماء، وهنا تجلت عبقرية ساندبيرغ في استغلال هذه النقطة لصنع مشاهد الفيلم حولها.
بين الظلام والضوء
نقطة قوة الفيلم تتركز في بساطة فكرته، وهي النقطة نفسها التي لعب عليها المخرج فيد ألفاريز في فيلم «دونت بريث»، الذي ناقشناه الأسبوع الماضي. ألفاريز استغل عمى صاحب المنزل الذي اقتحمته العصابة لجعل كل المواقف معتمدة على عامل الصوت، أو حاسة السمع بالنسبة للرجل. وهنا ساندبيرغ يستغل عامل الظلام ونقيضه الضوء في رسم مواقف الشخصيات وتعاملهم مع شبح «ديانا»، حيث إن على كل شخصية البقاء في بقعة ضوء لحماية نفسها من ظلمات «ديانا»، أو حتى لا تبقى تحت رحمة ذلك الشبح من جهة، أو لتبقى تحت رحمة مصادر الضوء المتعددة، ومن هنا تأتي متعة الفيلم.
نتيجة لذلك أصبحت مشاهد الفيلم بأكمله عبارة عن أماكن مظلمة، تتوزع فيها بقع ضوء هنا وهناك، وهنا تجلت جمالية الصورة وعملية صناعة اللقطات بالاعتماد على الإضاءة وحركة الكاميرا والظلال، ما عزز فنيات الفيلم بشكل كبير.
الضوء ليس ضرورياً لإبقاء الشخصيات حية فقط، وإنما هو ضروري لنا كمشاهدين لرؤية «ديانا» ذات المخالب الحادة على شكل خيال تجسدها الممثلة أليسيا فيلا بيلي المغطاة بطبقة ثقيلة من الميك آب (هناك مشاهد مجازفة أو أكروباتية كالقفز أو التعلق في السقف أدتها ممثلة بديلة متخصصة).
«ديانا» مرعبة في كل أفعالها، من طريقة مشيها واستعراض مخالبها إلى طريقة ربوضها على الأرض، وأروع حركة هي نهوضها من الأرض، واستواؤها قائمة كالغول في مشهد يعيد إلى الأذهان غول فيلم ذا بابادوك.
فنيات الفيلم متميزة ولا غبار عليها، إنما عيوبه تتركز في قصته، خصوصاً الجزئية المتعلقة بالمصادفات غير المنطقية، أو تفوق الشبح على البشر من ناحية الذكاء في عالمهم، أي في عالم البشر.
نقطة واحدة شرحها الفيلم بإيجاز شديد دون التوسع فيها، وهي قصة الأم صوفي، التي تستحق أن تكون فيلماً لوحدها، نظراً لأداء بيلو المرعب في آخر الفيلم.
الفيلم جيد رغم بعض الكليشيهات (أشهرها عندما يغلق باب الغرفة خلف الشخصية بعد دخولها)، لكن ساندبيرغ يجتهد في تجنبها، وتحسب له تلك الاجتهادات. على سبيل المثال هذا فيلم عن بيت مسكون، لكن دون المشهد الأزلي الذي نرى فيه عميل شركة العقارات يشيد بالمنزل لعائلة تستأجره قبل أن تكتشف أنه مسكون.
مثال آخر: في هذا الفيلم لا نرى أي مشهد أو إشارة لدور الدين في طرد الأرواح الشريرة، ليس هناك أي ذكر لكتاب مقدس أو رمز ديني يرتعب منه الشبح، كما جرت العادة في أفلام الأشباح، بل إن الفيلم يلتزم بقوانينه وفكرته التزاماً تاماً، وهذا دليل على ثقة ساندبيرغ بنفسه وبفكرته ونقطة تحسب لمصلحته تماماً.
نهاية الفيلم كذلك تصب في مصلحة ساندبيرغ الذي أثبت جرأة بوضع نهاية حاسمة للقصة، لا تدل على إمكانية عمل جزء ثان (هناك خطط لصنع جزء ثانٍ، خصوصاً بعد النجاح الضخم غير المتوقع للفيلم، إذ تجاوزت إيراداته 100 مليون دولار).
فاز الفيلم التونسي «آخر واحد فينا»، للمخرج علاء الدين سليم بجائزة أسد المستقبل، في الدورة الـ73 من مهرجان البندقية السينمائي الدولي، الذي اختتمت فعالياته أول من أمس.
وتذهب جائزة أسد المستقبل لأول عمل روائي طويل لمخرجه، وبهذا يكون الفيلم هو العربي الوحيد الفائز بإحدى جوائز المهرجان.
ويحكي «آخر واحد فينا» قصة شاب (جوهر السوداني) من جنوب الصحراء، يقرر عبور البحر المتوسط بطريقة غير شرعية، فيبدأ رحلة يستكشف فيها ذاته وعناصر الطبيعة التي تحيط به.
يشار إلى أن مخرج الفيلم علاء الدين سليم، قد استطاع عمله الوثائقي الطويل «بابل»، الذي شارك في إخراجه عام 2012، أن يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان مارسيليا للأفلام الوثائقية.
وتضم مسيرة سليم أربعة أفلام قصيرة، تتنوع بين الروائي والوثائقي، ويعد «آخر واحد فينا» فيلمه الروائي الطويل الأول.
أعلنت مجلة «سكرين إنترناشونال» أمس، عن إطلاق النسخة العربية من برنامج «نجوم الغد» (ستارز أوف تومورو)؛ منصة المواهب الناجحة في المملكة المتحدة وأيرلندا، خلال «مهرجان دبي السينمائي الدولي» في دورته الـ13، التي تُقام بين 7 و14 ديسمبر المقبل في مدينة جميرا، مقر المهرجان.
شيفاني بانديا فرصة مهمة
قال ماتْ مولر محرر «سكرين إنترناشونال»: «يمثل إطلاق البرنامج فرصة مهمة لتحديد نجوم الغد الموهوبين في المنطقة. وشهدت صناعة السينما المحلية نمواً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، من هنا شعرنا بأنه الوقت المثالي لكي نقدم مبادرتنا هنا لنسهم في ذلك، ونحن سعداء بالإعلان عن (نجوم الغد) خلال (دبي السينمائي)».
ويعدّ المهرجان منصة مثالية لتقديم نسخة خاصة بالشرق الأوسط من برنامج «نجوم الغد» بعد 12 عاماً من تسليطه الضوء على المواهب الناشئة في المنطقة. وسيوفر البرنامج منصة عالمية، يعلن ويسوق من خلالها لممثلين ومخرجين عرب واعدين، من المتوقع لهم أن يحققوا نجاحات باهرة في المهرجان والساحة الدولية خلال الأعوام المقبلة.
وسيتم اختيار المرشحين النهائيين من مختلف أنحاء المنطقة خلال الأشهر المقبلة، على أن يعلن عن القائمة النهائية للمرشحين من ممثلين ومخرجين خلال دورة المهرجان في شهر ديسمبر المقبل.
أُطلق برنامج «نجوم الغد» قبل 13 عاماً في المملكة المتحدة، وشهد العام الماضي الإعلان عن «نجوم الغد»، من «سكرين إنترناشونال»، خلال «مهرجان لندن السينمائي»، المنظم من قبل «معهد الأفلام البريطاني». ويملك البرنامج سجلاً حافلاً باكتشاف المواهب البريطانية والأيرلندية، مثل بندكت كومبرباتش، وإيميلي بلانت، وجيمس ماكافوي، الذين اختيروا خلال دورته الأولى في عام 2004.
وبعد نسخة «نجوم الغد»، أطلقت نسخة «سكرين ستارز أف تومورو»، الذي شهد ظهور نجومٍ فازوا بجوائز الأوسكار مثل إيدي ريدماين، وكاري موليغان، وتوم هيدليستون، وروبرت باتنسون، وجون بوييغا، إضافة إلى المخرجين أندرو هايغ، وأندريا أرنولد، وكورين هاردي، وستيفن فينغلتون. وتعدّ النسخة العربية من برنامج «نجوم الغد» بمثابة التزام مشترك بين «سكرين إنترناشونال» و«مهرجان دبي السينمائي الدولي» لدعم وتشجيع المواهب الناشئة في العالم العربي. وسيوفر المهرجان المنصة المثالية لإطلاق البرنامج نظراً إلى المشاركة المجتمعية الملحوظة في دوراته، إضافة إلى خبرته في هذه الصناعة وموقعه الريادي. وقالت المدير الإداري لـ«مهرجان دبي السينمائي الدولي» شيفاني بانديا: «نحن سعداء جداً بإطلاق النسخة العربية من برنامج (نجوم الغد)، الذي تبنته مجلة (سكرين إنترناشونال)، كونه سيقدم فرصاً كبيرة لدعم المواهب السينمائية الواعدة إقليمياً. لقد قدمنا عدداً كبيراً من المواهب الناشئة بالمنطقة منذ انطلاقة (مهرجان دبي السينمائي الدولي) في عام 2004، وكانت مهمتنا دائماً دعمهم ومساعدتهم للوصول إلى النجومية والساحة الدولية، من هنا كلنا ثقة بأن إطلاق البرنامج الجديد سيعزز ويسهم في تحقيق ذلك».
أشرنا مرات عدة في هذه المساحة إلى أن السينما تعيش في هذا العقد حقبة أجزاء متتابعة، أو إعادات الأفلام بامتياز؛ نتيجة حالة الإفلاس الفكري التي تعيشها «هوليوود»، ولا يبدو أنها تريد الاعتراف بها.
3
«بريجيت جونز بيبي» هو الجزء الثالث في سلسلة «بريجيت جونز دايري»، من تأليف الروائية البريطانية هيلين فيلدينغ، التي شاركت في كتابة هذا الفيلم مع دان ميزر وإيما تومبسون، وأخرجته شارون ماغواير.
الاستسهال سبب الرداءة
عودة زيلويغر إلى دور سهل قد يكون سبباً في رداءة هذا الفيلم، كونها استسهلته كثيراً، وكان الأجدر بها اختيار تحدٍّ جديد ودور صعب لإثبات نفسها من خلاله، خصوصاً أن ستة أعوام شهدت بروز ممثلات جديدات وصاعدات جيدات جداً.
ففي هذا العام شاهدنا إعادة فيلم «غوست باسترز» الرديئة، وجزءاً ثانياً من «ناو يو سي مي» أردأ من الأصلي، وكان هناك جزء ثانٍ من «ماي بيغ فات غريك ويدينغ»، و«ذا باربر شوب.. ذا نيكست كت»، وفي هذا الشهر وحده اجتمعت لدينا في الصالات المحلية إعادة لفيلم «بين هير»، وجزء ثان من «ذا بلير ويتش بروجيكت»، وهذا الفيلم الذي نحن بصدد مناقشته.
النجمة الأميركية الحائزة جائزة أوسكار رينيه زيلويغر تعود إلى السينما من خلال فيلم «بريجيت جونز بيبي» بعد ستة أعوام غياب، ورغم تحفظها الشديد على أسباب غيابها فإن مصادر كثيرة أشارت إلى أن الممثلة خضعت لعمليات تجميل، خصوصاً بعد خروجها إلى العلن، ونشر صور جديدة لها مقابل أرشيفية لتبيان التغييرات التي طرأت على شكلها.
عودة زيلويغر إلى شخصية بريجيت جونز تحديداً للمرة الثالثة في 15 عاماً - حسب تصريحات الممثلة - سببها أنها تحفظ الدور والشخصية، وتجده سهلاً جداً، كيف لا وهي أدته مرتين إلى درجة أنه وصف بالدور الأيقوني لها.
المربع الأول
«بريجيت جونز بيبي» هو الجزء الثالث في سلسلة «بريجيت جونز دايري» من تأليف الروائية البريطانية هيلين فيلدينغ، التي شاركت في كتابة هذا الفيلم مع دان ميزر وإيما تومبسون، وأخرجته شارون ماغواير، مخرجة الجزء 1. ويدور حول قصة الفتاة بريجيت (رينيه زيلويغر) التي تعود إلى المربع الأول من حياتها؛ أي أنها غير مرتبطة وهذه المرة في سن الـ43. يبدأ الفيلم ونراها تحتفل بعيد ميلادها وحدها، وتستمع لأغنية تقول كلماتها «وحدي.. لا أريد أن أكون وحدي»، وهي الأغنية نفسها التي استمعنا إليها في الجزء الأول من السلسلة.
تتبدل الأغنية فجأة، ونستمع إلى موسيقى صاخبة تتراقص جونز على أنغامها وتغني معها كفتاة في سن المراهقة، ثم نسمع جونز تحدث نفسها وتتساءل: هل غريب أن فتاة في سني لاتزال عزباء؟ جونز تبدو للمرة الأولى متصالحة مع جسدها وغير مهتمة بموضوع الحمية الغذائية والرشاقة.
تمضي أحداث الفيلم ونعلم أنها تعمل في وظيفة منتجة أخبار في محطة تلفزيونية متخصصة في أخبار الإثارة والابتذال مع صديقتها المذيعة ميراندا البلهاء (الإنجليزية من أصل إيراني سارة سليماني)، التي تأخذها إلى مهرجان موسيقى، وهناك تلتقي صدفة مع جاك الملياردير الأميركي (باتريك ديمبسي) صاحب موقع تعارف على الإنترنت لتبدأ علاقة حب بينهما.
على الجهة الأخرى، تلتقي جونز مع مارك (كولين فيرث) صديقها القديم من الجزأين السابقين المنفصل عن زوجته والذي يعترف لجونز بحبه لها، وهنا تقع جونز في حيرة من أمرها، وتعجز عن اختيار أي الرجلين أنسب لها، في المقابل يتنافس الرجلان في الفوز بقلبها.
قصة مستهلكة
«بريجيت جونز بيبي» يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام ثم يتراجع خمس خطوات إلى الخلف. لم تعد هذه القصة (مثلث الحب) مقبولة اليوم، فهي استهلكت في تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية، والسبب الوحيد الذي يجعل هذا الفيلم يوظفها في حبكته هو إفلاسه واعتماده بالكامل على نوستالجيا الجزأين السابقين، خصوصاً الأول.
الفيلم يتبع خطاً هزلياً جداً، فلا نعلم هل نأخذه بجدية أم هو للضحك فقط، فمن غير المعقول أن توظف قناة إخبارية مذيعة بلهاء تكرر كببغاء كل جملة غبية تقولها المنتجة عبر السماعة، ولو كانت لا تمت بصلة لموضوع الحوار، ومنتجة حمقاء جداً وجاهلة لا تميز بين شخصية سياسية وسائق سيارة! والغريب أن المحطة تتغاضى عن كل الأخطاء الغبية الصادرة عنهما.
طريقة لقاء الملياردير جاك ببريجيت في مهرجان الموسيقى كجني خرج من العدم لا تدخل العقل، بل هي أقرب لصدف الأفلام الهندية (يفعلها مرتين خلال الفيلم)، ثم من هذا الملياردير الذي لا أصدقاء له ولا علاقات اجتماعية ويعيش حياته في فنادق ومطارات ولا يمتلك طائرة خاصة أو قصوراً! ولو كان بهذه الشهرة والثراء فلماذا ليس له حراس؟! فهل مثلاً يستطيع كل من دونالد ترامب أو مارك زوكربيرغ المشي وحدهما في مكان عام يعج بالناس؟! نشك في ذلك.
الفيلم لا يضع فروقات كثيرة بين جاك ومارك، فالاثنان وسيمان وغنيان، ولا يوجد أي فروقات تشجع بريجيت على تفضيل أحدهما على الآخر. في الوقت نفسه فإن هذه النقطة سخيفة؛ إذ نرى الاثنين طوال الفيلم ينتظران قرار بريجيت في الاختيار بينهما، وهذه لم تحدث في الفترة الأخيرة إلا في عالم روايات توايلايت!
نقطة أخرى، موقع التعارف الذي أسسه جاك حسب الفيلم ظهر بدائياً جداً كأنه من عهد التسعينات، وقد شاهدنا شيئاً شبيهاً في فيلم الشبكة The Net عام 1995.
نكات غير مضحكة
الفيلم يحاول جاهداً إضحاكنا بنكات مستهلكة سمعناها كثيراً في أفلام سابقة من الصنف نفسه، خصوصاً تلك النكات الخادشة للحياء التي أصبحت كليشيهات في حد ذاتها.
ليس هذا فقط بل إنه يذهب إلى حد الاستهزاء بالعرقيات الأخرى بجرأة شديدة، المشكلة أن نكات هذا الجانب غير مضحكة وهي توقع الفيلم في فخ التنميط، مثلاً هناك نكتة على الإيطاليين وأخرى على الهنود وعلى الشرق آسيويين.
من ناحية أخرى، فإن الفيلم يناقش موضوع الأم العزباء في المجتمع البريطاني لكن بدل الاعتراف بالمشكلة ومحاولة علاجها، فإنه ومن خلال بطلة الفيلم يشجع عليها كأنها الحل الاجتماعي الأمثل للمرأة في ذلك المجتمع.
وهناك سؤال يطرح نفسه، بغض النظر عن نهاية هذا الفيلم والجزء السابق: لماذا علينا الاهتمام بشخصية لم تستطع الارتباط برجل مناسب منذ انطلاق السلسلة عام 2001؟ هل يعقل أن تظل بريجيت جونز اللطيفة الحسناء عزباء مدة 15 عاماً في مجتمع غربي منفتح جداً؟! هذا هو السؤال الذي كان يجب أن يجيب عنه الفيلم وليس الفوضى الهزلية التي شاهدناها.
بدأ أمس بيع تذاكر مهرجان دبي السينمائي الدولي 2016، الذي سيقدّم في دورته الـ13 تشكيلة من أبرز الأفلام الروائية، وغير الروائية الطويلة منها والقصيرة، إضافة إلى مجموعة من أفلام الواقع الافتراضي لأهمّ المخرجين في هذا المجال الجديد.
تُقام الدورة الجديدة للمهرجان بين 7 و14 ديسمبر المقبل، إذ يعرض خلالها أكثر من 140 فيلماً، تهدف إلى استقطاب عشاق الفن السابع؛ أفراداً وعائلات من أنحاء العالم.
ويستمرّ المهرجان في تقديم أفضل تجربة سينمائية لحضوره، إذ تتيح الباقات من فئتي الـ10 تذاكر، والـ25 تذكرة، للجمهور فرصة اختيار مجموعة الأفلام التي يرغبون في متابعتها، قبل افتتاح شباك التذاكر. ويضمن شراء باقة التذاكر دخولاً سلساً إلى العروض، كما أنّها تُعتبر هديّة مميّزة لعشاق السينما ضمن العائلة. أما الأشخاص الذين يحبون التواجد مع النجوم على السجادة الحمراء، فإنّ باقة «حفلات السجادة الحمراء» تضمن الحصول على التذاكر الأكثر تميّزاً لحضور العروض الافتتاحية طيلة أيام المهرجان.
وقالت المدير الإداري لمهرجان دبي السينمائي الدولي، شيفاني بانديا: «يسرّنا تقديم تشكيلة مختارة من أفلام المواهب السينمائية المتميّزة، والسينمائيين الشباب، للفوز بجوائز المهرجان. فقائمة الأفلام المشاركة في دورة 2016 تضم إنتاجات سينمائية من حول العالم، قادرة على تحريك مشاعر وإلهام عشاق السينما». وأضافت «فخورون بمجموعة الأفلام المشاركة ضمن مسابقة المهر، التي تدل على أن السينما العربية في وضع ممتاز، كما أننا متحمّسون لتقديم أحدث أقسام المهرجان، وهو (أفلام الواقع الافتراضي). وكالمعتاد، نتطلع إلى توحيد ضيوف مهرجان دبي السينمائي في حبهم للأفلام، ونأمل أن يترك برنامج المهرجان تأثيراً يجابياً ومديداً عليهم».
يشار إلى أن أسعار باقات التذاكر تبدأ من 275 درهماً، كما سيحصل متابعو المهرجان على أسعار مخفضة عند قيامهم بشراء الباقات مسبقاً، وكذلك ستكون لديهم أولوية الحجز، فور الإعلان عن الجدول الرسمي للعروض.
على الرغم من أن فيلم كانيبال هولوكوست عام 1980، للإيطالي روجيرو ديوداتو، كان أول فيلم رعب من صنف Found Footage أو «لقطات تم العثور عليها» حسب مؤرخي السينما، إلا أن فيلم «ذا بلير ويتش بروجيكت» عام 1999، هو الذي أطلق هذا الاتجاه الفرعي في سينما الرعب، بالصورة المتعارف عليها حالياً بين الناس.
16
يكمل المخرج آدم وينغارد خلف الكاميرا، في هذا الفيلم، القصة التي حدثت منذ 16 عاماً، لإرضاء عشاق الفيلم الأصلي، أو بكلمات أخرى هو فيلم للعب على عامل النوستالجيا.
أمنيتان
نتمنى من وينغارد، أو ممن سيخلفه في الجزء الثالث من «بلير ويتش»، أن يصنع لنا فيلماً نشاهده من خلال مقاطع فيديو «سناب شات»، فلربما عجزت الساحرة عن تعطيله كما عطلت التقنية في هذا الفيلم.
نتمنى كذلك من الشخصيات، قبل أن تموت، أخذ صورة «سيلفي» مع الساحرة، لعل شكلها يلهم هوليوود لتجديد سينما اللقطات المكتشفة، أو لنقلها لسينما الشياطين والأشباح، حتى تتمكن هوليوود من عملية التجديد، دون أن تدهمهم الساحرة!
في القرن الـ21، وتحديداً في العقد الماضي، ازدهر هذا الاتجاه ازدهاراً شديداً، وكان سبباً في تراجع أفلام Slasher (أفلام القتل بالسكين)، التي هيمنت على سينما الرعب لعقدين من الزمن تقريباً، من 1984 حتى نهاية عقد التسعينات.
اليوم.. هذا الاتجاه قد بدأ في الخفوت لسبب رئيس هو المعادلة المستهلكة أو فلنقل المهترئة، فمرة تكون اللقطات المكتشفة في الأدغال مثل هذا الفيلم، أو مفرغة من كاميرات المراقبة المنزلية مثل «بارانورمال آكتفيتي»، أو لقطات مكتشفة على الكمبيوتر مثل «أنفريندد».
كان آخر فيلم من هذه النوعية هو «الزيارة»، للمخرج الشهير إم نايت شيامالان العام الماضي، الذي ترك توقيعه عليه بمفاجأة النهاية وهو ما لم يحدث سابقاً، لكن ذلك لم يكن كافياً، وليس حتى محاولة تجديد كون المخرج والصنف في حالة أفول معاً.
إعادة إحياء
اليوم لدينا «بلير ويتش» - أصلاً كان بعنوان «ذا وودذ» أو الأدغال، قبل أن يعلن ربطه بفيلم ذا بلير ويتش بروجيكت - هو الجزء الثاني مباشرة من الفيلم الأصلي، وهو يتجاهل أحداث ما كان يعتبر جزءاً ثانياً بعنوان «ذا بووك أوف شادوز»، خصوصاً أن الهدف منه إعادة إحياء السلسلة. في هذا الفيلم نحن مع شقيق هيذر دوناهو، جيمس (جيمس آلين مكون)، الذي يكتشف وجود فيلم جديد عن بلير ويتش (الساحرة بلير)، انتشر على الإنترنت وفيه يظهر كوخ غامض، ما شجعه على القيام برحلة إلى الموقع الذي اختفت فيه شقيقته في أدغال ولاية ميريلاند، لعله يعثر عليها بعد 20 عاماً، على اعتبار أن أحداث الفيلم الأول وقعت عام 1994.
ينضم إلى جيمس مجموعة من أصدقائه المقربين، بيتر (براندون سكوت)، وآشلي (كوربن ريد)، وليزا (كالي هيرنانديز)، وهي صديقة جديدة مهتمة بالرحلة، لغرض تصويرها لمشروع التخرج.
حسب الفيلم، فإن المحققين مشطوا الأدغال حيث اختفت هيذر، ولم يعثروا على ذلك الكوخ الذي ظهر في الفيلم، فقرر جيمس الرجوع إلى لين وتاليا (ويس روبنسون وفالوري كوري)، وهما الشخصان اللذان وجدا الفيلم الأخير، وطلب منهما أن يدلاه على المكان الذي عثرا فيه على الفيلم.
لضمان ألا يتعرض هو وأصدقاؤه لمصير شقيقته نفسها، فإن جيمس ومجموعته يتزودون بأحدث الأجهزة والمعدات مثل جهاز تحديد المواقع «جي بي إس»، ونظارات الرؤية الليلية، وطائرة دون طيار، لكن رغم ذلك فإنهم يتعرضون للمصير نفسه! وإلا فلن نشاهد هذا الفيلم!
هذا النوع من الأفلام يعتمد بشدة على عامل الخوف من المجهول ليس إلا، ولا يكلف نفسه شرح المجهول إنما يترك كل شيء لتفسير الشخصيات للظاهرة الحاصلة، أو أساطير وخرافات المشاهد لا يصدقها في البداية، لكنه يصدم بمشاهدتها تحدث لشخصيات الفيلم.
لعب على النوستالجيا
المخرج آدم وينغارد خلف الكاميرا في هذا الفيلم (أخرج فيلماً جميلاً بعنوان «الضيف» منذ عامين)، الذي يكمل القصة التي حدثت منذ 16 عاماً، لإرضاء عشاق الفيلم الأصلي، أو بكلمات أخرى هو فيلم للعب على عامل النوستالجيا.
وينغارد - صرح بأن هذا أصعب فيلم أخرجه - لا يخذلهم تحديداً لأنه يعطيهم بالضبط ما يريدون مشاهدته، لكنه لا يكلف نفسه عناء إضافة جديد لهذا الاتجاه الذي بدأ فعلا بالاهتراء. الفيلم لا يحوي دراما مؤثرة أو شخصيات نهتم بها، بل يذهب مباشرة إلى شرح أسطورة الفيلم، عن طريق حوارات طويلة تحتل مساحة كان من الممكن الاستفادة منها بصورة أفضل، خصوصاً أن الفيلم مدعوم بميزانية أكبر بكثير من الفيلم الأصلي.
ما يفعله وينغارد على صعيد القصة مفهوم، وهو التأسيس لأجزاء لاحقة متقاربة زمنياً في الطرح، وقد نجح تماماً في هذا الجانب، لكن على الجانب النفسي لم يوفق بالدرجة نفسها، إذ اعتمد على الكليشيهات بشكل يفوق التصور، وكذلك على عامل الإفزاع الرخيص المخادع المعتمد على الصوت فقط، فمثلاً نرى شخصية تبحث عن أخرى في الظلام، فتظهر شخصية أخرى من خلفها بصورة مفاجئة، وظهور هذه الأخيرة لا هدف له سوى إفزاع المشاهد. وبمقارنة سريعة مع الفيلم الأصلي، نجد أن عامل الخوف هناك كان مرتكزاً على الأصوات الصادرة من بعيد، ما ولد الخوف لدى المشاهد من شعور بالضياع، وسط غابة ضخمة.
بالطبع هناك العامل الذي لا مفر منه، وهو أن الساحرة أذكى من الشخصيات، رغم كل الأجهزة الحديثة التي لديهم! كيف لا وهو عالمها الذي دخلوا إليه، وهي ستظل أذكى منهم حتى لو دخلت عالمهم! وهذا جزء من المعادلة المهترئة.
لماذا؟
نتساءل لماذا جازف جيمس بالدخول إلى المكان الذي اختفت فيه شقيقته، وهو يعلم (نحن نتحدث عن المنطق هنا) أن تلك المنطقة المعزولة تماماً عن العمران غير مغطاة بشبكة الهاتف المحمول؟ وهناك مشهد في الفيلم تستغرب فيه إحدى الشخصيات عندما يعمل هاتفها فجأة! بالطبع الهاتف كان يعمل على شبكة عالم الساحرة!
ألم يكن أجدر جلب هاتف يعمل بالأقمار الاصطناعية، كالذي يحمله الصيادون في البحار، والجنود في الكهوف؟ لماذا تتعطل الطائرة بدون طيار فجأة؟ ولماذا يصبح جهاز تحديد المواقع عاجزاً عن أخذ الشخصيات إلى الموقع الذي يريدون الذهاب إليه بمجرد دخولهم الأدغال؟ لماذا لا يتعطل فجأة نتيجة انعدام التغطية بدلاً من أن يعمل بطريقة خاطئة؟ كل هذه تساؤلات منطقية لا يعطينا وينغارد أي إجابات لها، لأنه مشغول جداً بشخصيات ماتت تباعاً وفقاً للمعادلة المهترئة.. عفواً وفقاً للساحرة التي تظهر من خلال لقطات سريعة جداً.
سبق أن ذكرنا العناصر العشرة للمعادلة المهترئة بالنسبة لأفلام السير الذاتية من خلال قراءتنا لفيلم «هاندز أوف ستون» (الإمارات اليوم 7 سبتمبر). ومنذ ذلك اليوم شاهدنا فيلمي سيرة ذاتية، الأول «سولي»، والثاني «سنودن» الذي سنناقشه هنا.
- «التاريخ سيعترف بأوليفر ستون كأحد أهم المؤرخين السينمائيين الذين صنعوا أعمالاً عن شخصيات وأحداث شكلت مراحل مفصلية من التاريخ الأميركي».
- «الجزء الأوسط في الفيلم هو الصادم، إذ يكشف حقائق مقلقة للذين لم يشاهدوا الفيلم التسجيلي أو لم يقرأوا قصة سنودن كما وردت في وسائل الإعلام منذ 3 سنوات».
- «ظهور نيكولاس كيج في هذا الفيلم بدور صغير يشرح لسنودن ما يحدث في الـ(سي آي إيه) هو تذكير بأن هذا الممثل يستطيع أن يبدع أكثر عندما لا يلاحق أجور أدوار البطولة».
«سولي» من إخراج المخضرم كلينت إيستوود عن قصة الطيار تشيسلي سولينبيرغر الذي قرر مخالفة تعليمات برج المراقبة بالعودة إلى مطار لاغورديا وهبط اضطرارياً في نهر هدسون في نيويورك في حادثة أطلقت عليها وسائل الإعلام اسم «المعجزة» في 15 يناير 2009.
«سنودن» من إخراج المخضرم أيضاً أوليفر ستون، وهو عن قصة محلل المعلومات السابق إدوارد سنودن، والمسؤول عن أكبر خرق استخباراتي في تاريخ أميركا الحديث.
إيستوود يميني متشدّد ينتمي للحزب الجمهوري، ويعتبر شخصية محافظة جداً ومناصراً للمؤسسة العسكرية الأميركية، ورأينا ذلك من خلال فيلمه «قناص أميركي». أما ستون فهو يساري متشدد، وهو ذلك المشاغب والمثير للجدل يميل أحياناً لنظريات المؤامرة كما شاهدنا في فيلمه «جي إف كي» عام 1991.
إيستوود تعامل مع شخصيتيه (القناص وسولي) كبطلين، الأول بطل لأنه شارك في حرب العراق وأسهم في حماية الأمن الوطني الأميركي، وهي وجهة نظر جمهورية محافظة. أما سولي فهو بطل لأن قراره الحكيم والصائب أنقذ حياة 155 راكباً كانوا معه على متن الطائرة.
ستون تعامل مع «سنودن» أيضاً كبطل، ولو أنه لا يقول ذلك بشكل مباشر، لكن سنودن هو بطل عند اليساريين، وخائن عند المحافظين، ومبادئه تلتقي كثيراً مع مبادئ ستون، ومن المستحيل تصور إيستوود يخرج فيلماً عنه.
المهم هنا هو أن الاثنين تناولا عملين سينمائيين من صنف السيرة الذاتية دون المرور بالمعادلة المهترئة. الاثنان اجتازا الاختبار، لكن إيستوود كان أفضل ربما لأن موضوعه أخف بكثير من مادة ستون الثقيلة والمثيرة للجدل.
التاريخ بالتأكيد سيعترف بستون كأحد أهم المؤرخين السينمائيين الذين صنعوا أعمالاً عن شخصيات وأحداث شكلت مراحل مفصلية من التاريخ الأميركي، من فيتنام إلى نيكسون وأحداث سبتمبر الإرهابية. لذلك الخطوة المنطقية بالنسبة له بعد توقف دام أربع سنوات، وعقد تقريباً منذ آخر فيلم سياسي له عن الرئيس بوش الابن، هو فيلم عن إدوارد سنودن الذي كشف أسرار الحكومة الأميركية في عالم ما بعد 11 سبتمبر. ستون مثل إيستوود، اختار التركيز على آخر تسع سنوات من حياة سنودن، منذ دخوله إلى الجيش إلى أن فجر الفضيحة وخلال هذه السنوات شاهدنا التغيير الكبير الذي طرأ على الشخصية. ستون اختار غوردون جوزيف ليفيت من الممثلين الشباب أسّس وأثبت نفسه جيداً في السينما من خلال أدوار متنوعة، وهذا ثاني دور سيرة ذاتية له من بعد تقمصه شخصية فيليب بيتيت في فيلم «ذا ووك» العام الماضي. ليفيت هنا تخفى تماماً في شخصية سنودن لدرجة تقليد صوته.
الفيلم يبدأ من نهاية القصة حين التقى سنودن سراً صانعة الأفلام التسجيلية لورا بويتراس (ماليسا لوو- جميل جداً مشاهدة لوو في دور امرأة صالحة بعد تجسيدها شخصية المرأة المعقدة المشكوك في أمرها في فيلم «سجناء»)، والصحافي غلين غرين وولد (زاكاري كوينتو) وإيوان مكاسكيل (توم ويلكنسون) في هونغ كونغ. وهي كلها شخصيات حقيقية لصحافيين قابلوا سنودن، وتم عرض اللقاء من خلال الفيلم «سيتيزن فور» الحائز جائزة أوسكار أفضل فيلم تسجيلي عام 2014.
أثناء تلك المقابلة ينطلق فيلم «سنودن» في ثلاثة اتجاهات متوازية ومتقاطعة حسب النص الذي كتبه كيران فيتزجيرالد وأوليفر ستون: الأول: قصة اكتشاف سنودن تورط حكومة الولايات المتحدة في التجسس على حكومات وشركات عالمية. الثاني: قصة العلاقة الرومانسية بين سنودن وصديقته ليندسي ميلز (شيلاين وودلي)، وكيف تأثرت العلاقة بوظيفته.
الثالث: قصة كشف سنودن للمعلومات، كما وردت في الفيلم التسجيلي المذكور آنفاً.
الجميل أن الاتجاهات أو القصص الثلاث جاءت بممثلين معروفين في أدوار صغيرة، وهو ما فعله ستون في فيلم «جي إف كي».
في البداية نرى الأيام الأولى لإدوارد سنودن عندما كان جندياً وطنياً في الجيش، والجميل أن ستون لا يضيع وقتاً ويدخل مباشرة إلى قصة سنودن مع وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه»، وكيف تمكن بموهبته وذكائه من الصعود وتخطي زملائه.
في الحقيقة أن هذا الجزء وهو الأوسط في الفيلم هو الصادم، إذ يكشف حقائق مقلقة للذين لم يشاهدوا الفيلم التسجيلي أو لم يقرأوا قصة سنودن كما وردت في وسائل الإعلام منذ ثلاث سنوات. حسب الفيلم فإن العمليات السرية للحكومة الأميركية لها القدرة على اختراق أجهزة الكمبيوتر المحمولة وتشغيل الكاميرا دون علم المستخدم. وكلما يتعمق سنودن في اكتشاف المزيد مما تفعله الحكومة، يبدأ أداء ليفيت في التحول إلى استثنائي، خصوصاً حين يبدأ الصراع النفسي بين سنودن ومبادئه التي لا تتفق مع كل ما تفعله الحكومة من التجسس على الناس إلى عمليات الطائرات دون طيار في وزيرستان.
من أجمل ما يميز أداء ليفيت قدرته على إبراز رد فعل الشخصية على ما تراه من صدمات، فمثلاً نرى ستون يركز الكاميرا على عين ليفيت وهو ينظر إلى شاشة الكمبيوتر يقرأ معلومات كأنه يراها للمرة الأولى في حياته.
لكن ستون يتعثر بشدة في العلاقة الرومانسية بين سنودن وليندسي (الأمر الذي أدرك إيستوود كيف يتحاشاه في «سولي»)، العلاقة الرومانسية هنا حسب رؤية ستون وغيره ضرورية لإبراز العامل الإنساني والعاطفي على الشخصية من جهة، ولإضفاء التوازن المطلوب مع مشاهد القصة الرئيسة، حيث لا نرى شخصية تعمل طوال الفيلم كالروبوت.
المشكلة هنا أن ليفيت ووودلي غير منسجمين ويفتقدان التفاعل المطلوب كأن هذه المشاهد تعود لفيلم آخر، بل هي شكلت عامل إلهاء عن القصة الرئيسة، وبدت إلزامية أكثر من عفوية. هذا الجزء كان الأضعف تحديداً أيضاً بسبب افتقاده لحيوية الأجزاء الأخرى. الغريب في الأمر أن ستون وضع مشهداً لا يمت للفيلم بصلة، وهو لقطة لليندسي تعطي درساً في الأكروبات لمجموعة طالبات وسنودن لا يظهر فيه! نتساءل ما أهميته في القصة؟
هذا فيلم جيد ويمكن اعتباره عودة موفقة لأوليفر ستون، وختاماً لدينا ملاحظة: ظهور نيكولاس كيج في هذا الفيلم في دور صغير يشرح لسنودن ما يحدث في «سي آي إيه» هو تذكير بأن هذا الممثل يستطيع أن يبدع أكثر عندما لا يلاحق أجور أدوار البطولة.
نمرُّ في هذا الشهر بالذكرى الـ15 لهجمات سبتمبر الإرهابية، التي حصدت أرواح 2996 شخصاً في نيويورك، وقسمت العالم حسب رؤية الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن إلى فريق معه أو ضده، ودشنت حقبة تاريخية وسياسية جديدة، سميت ما بعد 11 سبتمبر، ونتج عن تلك الهجمات غزو أفغانستان، في ما عرف بالحرب على الإرهاب، وتمت إطاحة نظام طالبان في نوفمبر 2001، المتهم بإيواء المطلوب رقم 1 في العالم آنذاك أسامة بن لادن، وعرفت تلك بأنها الحرب الأطول في تاريخ أميركا (أكتوبر 2001 – اليوم).
كان الغضب الأميركي لايزال في أوجه في صيف 2002، عندما بدأت إدارة بوش التحرش السياسي بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، واتهمته بامتلاك أسلحة دمار شامل دون أدلة، وأعلنت نيتها إطاحة نظامه، وضمته إلى ما عرف بمحور الشر مع إيران وكوريا الشمالية. ولم يستسغ العالم تلك الاتهامات، وقامت تظاهرات في دول كثيرة، بما فيها الولايات المتحدة، قبل قرار غزو العراق وبعده، إلا أن إدارة بوش لم تأبه لأحد، واحتلت العراق (مارس 2003 - ديسمبر 2012).
الحرب على الإرهاب، وغزو العراق، كانا مصدر إلهام لهوليوود في أفلام عدة، برزت كلها في العقد الماضي من هذا القرن. الأفلام سواء كانت موجهة سياسياً مع أو ضد الحرب، تميزت بقصص مستمدة من عناوين الأخبار. المفاجأة أن تلك الأعمال لم تحظَ بنجاحات جماهيرية، رغم أن الجيش الأميركي كان يخوض حرب شوارع في أفغانستان والعراق. السبب كان تشبع الجمهور من أخبار ومآسي الحربين، التي وردت من خلال وسائل الإعلام خصوصاً التلفاز، حيث كان مراسلو وسائل الإعلام على ظهور الدبابات، وهنا انتصر التلفزيون في معركة الواقعية على السينما.
فيلم Collateral Damage من بطولة آرنولد شوارتزينيغر عام 2002 كان أول ما افتتح أفلام الحرب على الإرهاب. وكان من المفترض طرحه في أكتوبر 2001، إلا أن قرار تأجيله إلى فبراير 2002 كان بالإجماع بسبب وقوع ضربات سبتمبر. في العام نفسه طرح ريدلي سكوت فيلمه عن إسقاط مروحية أميركية في الصومال، وتعرض جنودها للهجوم والسحل في الشوارع عام 1993 بعنوان «بلاك هوك داون»، وكان من أجمل وأقوى الأفلام التي سجلت فظاعة حرب الشوارع.
المخرج سبايك لي طرح فيلم 25 ساعة، الذي ناقش موضوع الكراهية العرقية في عالم ما بعد 11 سبتمبر، من خلال شخصية تاجر مخدرات مونتي بروغان (إدوارد نورتون)، يواجه حكماً بالسجن سبعة أعوام. الفيلم اشتهر بأحد أشهر مشاهد المونولوغ في تاريخ السينما، حيث وقف نورتون أمام مرآة، وأخذ في إطلاق انتقادات لاذعة وشتائم عنصرية.
- رغم وجود بعض الاستثناءات، فإن التردد كان يسري في أوساط رواد السينما بالولايات المتحدة، ويثنيهم عن مشاهدة أفلام تدور حول فظائع تلك الحرب.
- الحرب على الإرهاب، وغزو العراق، كانا مصدر إلهام لهوليوود في أفلام عدة، برزت كلها في العقد الماضي من هذا القرن.
- «المنطقة الخضراء» أول فيلم لهوليوود ينظر إلى حرب أميركية بطريقة مختلفة، لم يمجد بطولات الجنود بل ليقول الحقيقة.
أما الفيلم الأول عن ضربات 11 سبتمبر الإرهابية تحديداً، فكان في الذكرى الخامسة للهجمات عام 2006، بعنوان «يونايتد 93» للمخرج بول غرينغراس. وكان هناك فيلم آخر لأوليفر ستون بعنوان (وورلد تريد سنتر) في العام نفسه، عن شرطيين (نيكولاس كيج ومايكل بينا)، من سلطة الموانئ، يتم إخراجهما من تحت الأنقاض.
الفيلم التسجيلي المبتكر «Voices of Iraq» أو «أصوات العراق» عام 2004، صنع بتوزيع 150 كاميرا فيديو رقمية خفيفة ورخيصة الثمن على مجموعات من المواطنين العراقيين. كانت الحصيلة الأولية أكثر من 400 ساعة من اللقطات، تم مونتاجها واختصارها إلى أقل من 80 دقيقة، ورغم أنها لم تكن متحيزة إلا أنها قدمت وجهة نظر إيجابية عن الولايات المتحدة.
رغم أن التردد كان يسري في أوساط رواد السينما في الولايات المتحدة، ويثنيهم عن مشاهدة أفلام تدور حول فظائع تلك الحرب غير الشعبية، ووصل الأمر لدرجة أن كلمات مثل «العراق» أو «حرب» لو وردت في سياق الحملة الدعائية لأي فيلم تكون سبباً للنفور منه. وتراجع الكثير من الاستوديوهات عن صنع أعمال تتعلق بتلك الحرب معظم العقد الماضي.
Image may be NSFW. Clik here to view.
أساليب موت
Image may be NSFW. Clik here to view.
بالتوازي مع حروب القرن الـ21 للولايات المتحدة، كانت هناك سلسلتا أفلام طرحتا في العقد الماضي: الأولى سلسلة Final Destination أو «الوجهة النهائية» (2000-2011)، التي تخصصت في التفنن في ابتكار أساليب موت لمجموعة شخصياتها، كان أشهرها مشهد انفجار الطائرة الأيقوني بعد دقائق من إقلاعها، والذي بث الرعب في قلوب الجماهير، وكان تذكيراً بهجمات الطائرات يوم 11 سبتمبر 2001، رغم أن الفيلم كان قبل الهجمات بعام كامل.
سلسلة أفلام الوجهة النهائية، استغلت عامل الرعب - الذي كان سائداً طوال العقد الماضي في كل دول العالم - من احتمالية وقوع هجمات إرهابية عشوائية، بتصويرها مشاهد موت شخصياتها بطرق غير متوقعة إطلاقاً، ما دفع الجماهير إلى دور السينما، التي وجدوا فيها قيمة ترفيهية عالية، حيث يكتفون بمشاهدة الموت على الشاشة دون أن يخرج إليهم.
تعذيب
Image may be NSFW. Clik here to view.
السلسلة الثانية كانت لأفلام (Saw) أو «المنشار» (2004-2010)، التي أطلقها جيمس وان، وهي صاحبة الإيرادات الأعلى في تاريخ سينما الرعب. هذه السلسلة اشتهرت بمشاهد تعذيب فظيعة، استلهمت من فضائح التعذيب التي وقعت أثناء حربي أفغانستان والعراق، وكان أشهرها فضيحة سجن أبوغريب عام 2004، وفضيحة التعذيب بالإيهام بالغرق التي أثارت جدلاً، عندما طبقت على سجناء تنظيم القاعدة الإرهابي، وكذلك ما حدث في سجن غوانتانامو.
السلسلة المذكورة آنفا ألهمت، بدورها، أفلاماً أخرى عن الموضوع نفسه (التعذيب)، كان أشهرها هوستيل وThe Devil’s Rejects و«وولف كريك» عام 2005 وThe Collector عام 2009.
لكن كانت هناك دائماً استثناءات: فيلم (Home of the Brave) أو «موطن الشجعان» لإروين وينكلر عام 2006، كان عن أربعة جنود أميركيين (ساميول إل جاكسون، جيسيكا بيل، برايان بريسلي، و50 سنت)، يتعرضون لكمين في مهمتهم الأخيرة في العراق، وبالتالي يتعرضون لأزمة جسدية ونفسية بعد عودتهم إلى الحياة المدنية في واشنطن. كان موطن الشجعان أول فيلم لهوليوود عن عودة جنود إلى موطنهم من تلك الحرب، ورغم ميزانية الفيلم المتواضعة بالنسبة لأفلام الحروب (12 مليون دولار)، فإنه أخفق بشدة ولم تبلغ عوائده مليون دولار في الولايات المتحدة أو حتى في الأسواق الخارجية، لكنه عوض خسائره من مبيعات الفيديو حيث حقق أربعة ملايين دولار.
كان هناك العديد من أفلام حرب العراق، أصيبت بمجرد وصولها لشباك التذاكر، خصوصاً في 2007، حيث كان هناك فيلم لبول هيغيس بعنوان (In the Valley of Elah)، عكس الحيرة والمعاناة الناتجة عن فظائع الحرب على محارب متقاعد من أيام فيتنام (تومي لي جونز)، يبحث عن ابنه المختفي بعد عودته من جولة في العراق. في هذا الفيلم كانت حرب العراق سياقاً وليس موضوعاً رئيساً.
في العام نفسه فيلم حزين لمايكل وينتربوتوم، بعنوان A Mighty Heart، عن قصة اختطاف الصحافي دانيال بيرل في باكستان عام 2002، وزوجته ماريان (أنجلينا جولي) التي تبحث عن الحقيقة. المخرج الجنوب إفريقي غافين هود صنع فيلماً عن الحرب على الإرهاب Rendition عام 2007، عن زوجة أميركية حامل (ريز ويذرسبون) يتهم زوجها مهندس الكيمياء المولود في مصر خطأ بالإرهاب، وتم اعتقاله وتعذيبه في سجن سري بشمال إفريقيا.
ولانزال في عام 2007 نفسه، حين جاء فيلم (Lion for Lambs) المرصع بالنجوم (توم كروز وميريل ستريب وروبرت ريدفورد ممثلاً ومخرجاً)، كان عملاً متقداً بالمشاعر عن الحروب الأميركية في الشرق الأوسط من ثلاث وجهات نظر مختلفة (جنديان في أفغانستان، سيناتور جمهوري (كروز)، مراسلة تلفزيونية معارضة (ستريب)، وبروفيسور تاريخ من الساحل الغربي (ريدفورد) يتحدى أحد طلابه الواعدين.
أيضاً في 2007، طرح المخرج الأميركي برايان دي بالما فيلمه التسجيلي المعارض للحرب (Redacted) أو «منقح» مع جملة فرعية شهيرة: الحقيقة هي أول مصاب في الحرب، وكان قصة خيالية مقتبسة من أحداث حقيقية في العراق (تضمنت حادثة قتل واغتصاب فتاة عراقية مراهقة من قبل جنديين أميركيين). كان الفيلم محاولة جريئة لإعادة خلق الأحداث، وتقديمها بصورة منقحة.
فيلم المخرج جيمس ستراوس (Grace is Gone) أو «رحيل غريس» عام 2007، عن أب من مينيسوتا (جون كيوزاك) يأخذ ابنتيه إلى فلوريدا، حيث يزورون مدينة ملاهي، قبل أن يخبرهم بأن والدتهم المرابطة في العراق قتلت هناك.
فيلم المخرجة كيمبرلي بيرس «ستوب - لوس» عام 2008 عن الأمراض النفسية التي يصاب بها الجنود بسبب الحروب، والتي زادت حدتها جراء سياسة الحكومة الأميركية بتمديد عقود خدمة الجنود في العراق، والتي أطلقت عليها تسمية ستوب – لوس.
وكان هناك الفيلم الحائز جائزة الأوسكار (The Hurt Locker) أو «خزانة الألم» للمخرجة كاثرين بيغولو عن الأيام العصيبة التي عاشتها فرقة إبطال متفجرات في العراق، وهو الفيلم الذي أطلق شهرة الممثل جيريمي رينر.
أما الفيلم الأخير عن الحرب في العراق، خلال العقد الماضي، فكان بعنوان (Green Zone) أو «المنطقة الخضراء» عام 2010، من بطولة مات ديمن، وإخراج بول غرينغراس، وهو أول فيلم لهوليوود ينظر إلى حرب أميركية بطريقة مختلفة. ليس ليمجد بطولات الجنود، بل ليقول الحقيقة، وهي أن أسلحة الدمار الشامل غير موجودة في العراق ولم تكن هناك أبداً، وأن الحرب بأكملها كانت فبركة المحافظين الجدد في إدارة بوش الابن.
تعرض مسابقة «المهر القصير»، خلال الدورة الـ13 من مهرجان دبي السينمائي الدولي، أحدث وآخر ما أنتجته السينما العربية من أفلام قصيرة، خلال دورة المهرجان التي تنعقد في الفترة ما بين السابع و14 ديسمبر المُقبل، إذ تقدم مجموعة مختارة وحصرية من الأفلام القصيرة الروائية، وغير الروائية، التي تُبرز الاتساع الثقافي في المنطقة.
أمرالله: جيل جديد من المبدعين
قال المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي الدولي، مسعود أمرالله آل علي: «تؤلف الأفلام المُختارة في «المهر القصير»، مجموعة استثنائية من الأفلام المُعاصرة، التي تمنح الجمهور تجربة معايشة الواقع العربي الحقيقي، والإطلالة على جوهر المجتمع المفعم بالحيوية»، مضيفاً «يُعدّ وقتنا الحالي مهماً للسينما العربية، إذ يشهد على ظهور جيل جديد من المخرجين المبدعين، ومن المهم أن يواصل مهرجان دبي السينمائي العمل على هدفه المتمثل في توفير منبر لتطوير المواهب في أنحاء المنطقة».
Image may be NSFW. Clik here to view.
«عيني».. الحرب والصغار
يشارك المخرج الفلسطيني، أحمد صالح، في مسابقة المهر القصير بفيلم «عيني» الذي حاز أخيراً جائزة الأوسكار - فئة الطلبة للتحريك، ضمن جوائز «ستيودنت أكاديمي»، للعام الجاري. ويشتهر صالح بتقديم قصص لا تتحدث عنها وسائل الإعلام عادة، فبعد انتقاله من أوروبا إلى فلسطين، طرح الظلم الذي تعرّض له عبر أفلامه من أجل التغيير. ويصوّر فيلم «عيني» مخاطر الحرب من منظور صبية صغار يجمعهم حبّ الموسيقى.
ومنذ انطلاقتها في عام 2006، باتت مسابقة «المهر القصير» منصة لتقديم أفضل ما تنتجه السينما العربية، واكتشاف ورعاية المواهب، لتكون منبراً لجذب المخرجين الجُدد، الذين يُشارك بعضهم للمرة الأولى في هذه المسابقة، كما توفّر «جوائز المهر» للمخرجين العرب مزيداً من الشهرة والحضور، إذ تتاح أمام الأعمال القصيرة الفائزة فرصة عرضها وترشّحها لجوائز الأوسكار لعام 2017.
وتتضمّن مسابقة «المهر القصير» هذا العام 15 فيلماً، ومن المتوقع أن تشهد المسابقة منافسة قوية. ومن الأفلام فيلم المخرجة والمؤلفة اللبنانية، مونيا عقل، «صَبْمارين»، الذي عُرض في مهرجان «كان» السينمائي 2016. وتدور أحداث الفيلم في لبنان، عبر قصة واقعية بطلتها (هالة)، وهي امرأة بروح طفلة شرسة. وفي ظل التهديد الوشيك الذي تفرضه أزمة النفايات المروعة، التي تهدد صحة سكان العاصمة بيروت، تصبح (هالة) الوحيدة التي ترفض قرار الإخلاء، وتتشبّث بما تبقى من وطنها.
ويتعاون المخرجان السوريان رنا كزكز وأنس خلف في فيلم «ماريه نوستروم»، الذي تدور أحداثه على شواطئ البحر المتوسط، إذ يواجه الأب السوري موقفاً صعباً يهدد حياة ابنته. ويؤدي بطولة هذا الفيلم الممثلان زياد بكري وزين خلف. وينضمّ المخرج الفلسطيني، مهدي فليفل، بفيلمه القصير «رجل يعود»، ويحكي خلاله قصة (رضا) الذي يعود إلى منزله في المخيم بشخصية جديدة، بعد أن قضى ثلاث سنوات عالقاً في اليونان. فشل رضا (26 عاماً) في الحصول على اللجوء والهرب بعيداً عن المخيم، بسبب ما فرضته الحرب السورية من قيود على عالمه، فقرّر العودة إلى المخيم والزواج من رفيقة دربه، للهرب من هذا الواقع المرير، رغم أن النتيجة قد لا تكون السعادة التي يتمناها. ويشهد مهرجان دبي السينمائي العرض العالمي الأول لفيلم «الببغاء»، للمخرجَين الأردنيين أمجد الرشيد ودارين سلام. يجسد الفيلم الحائز جائزة «روبرت بوش ستيفتونغ السينمائية» للأفلام الروائية القصيرة لعام 2015، قصة عائلة يهودية تنتقل في عام 1948 من تونس إلى حيفا في فلسطين، لتؤسس حياة جديدة، وهناك تفاجأ بوجود (سعيد) وهو ببغاء أزرق كبير تركه أصحاب البيت العرب، الفيلم من تمثيل هند صبري وأشرف برهوم.
ومن المغرب، تقدّم المخرجة كريمة زبير فيلمها «خلف الجدار»، في عرضه العالمي الأول. ويأخذ الفيلم مشاهديه في رحلة مؤثرة عن (نادية) وهي طفلة في الخامسة من عمرها، تقطن في حي صفيحي على هامش الدار البيضاء، خلف جدار عازل مُشيّد من طرف السلطات المغربية. تقترب (نادية) من دخول المدرسة، ما يشكّل هاجساً لوالديها العازمين على حمايتها والحفاظ على سلامتها وبراءتها من الخطر المُحدق بها وبأطفال الحي كلهم، ذات يوم يصبح الجدار العازل محطّ اهتمام السلطات المحلية، فما الدافع لهذا الاهتمام المفاجئ. وتقدم المخرجة السودانية وكاتبة السيناريو مروى زين فيلمها السابع «أسبوع، ويومين»، في عرضه العالمي الأول، ويروي الفيلم قصة الزوجين (إبراهيم) و(ليلى) اللذين يعانيان محاسن ومساوئ الحمل، ومشاعر الشك التي تراودهما، والقرارات الكبيرة التي يتعيّن عليهما اتخاذها. يقوم ببطولة الفيلم ياسمين رئيس وعمرو صالح. من جهته، قال مُبرمج الأفلام القصيرة في «دبي السينمائي» صلاح سرميني: «يُعدّ المهرجان مركزاً لازدهار الثقافة السينمائية في المنطقة، وعلى الصعيد الدولي، وهو وجهة للمتخصصين وصانعي الأفلام وجميع عشاق السينما. ويعكس ارتفاع المنافسة لهذا العام في مسابقاته قوة المواهب الإقليمية، ومنها أفلام المهر القصير، الذي سيعرض مجموعة من القصص المحفزة والمشوقة للجمهور».
أصبحت إعادة صناعة فيلم كلاسيكي بنجاح مهمة محفوفة بالمخاطر، ولا تقل صعوبة عن صناعة فيلم أصلي. موضوع إعادات الأفلام نفسه مثير للجدل بين مؤيد ومعارض، الفريق الأول يبحث عن أفكار ناجحة يعيد صنعها بمعايير مختلفة، والفريق الثاني يفضل الإبقاء على المنتج الكلاسيكي كونه غير قابل للمس.
1960
العام الذي تعود إليه النسخة الأولى من الفيلم المقتبس من «الساموراي السبعة» للياباني أكيرا كوروساوا عام 1954.
أكشن ترفيهي من الدرجة الأولى
يعيد الفيلم إحياء الويسترن الكلاسيكي، ويُعد إعادة جيدة، ولن يتفوق على النسخة الكلاسيكية لكنه حتماً سيبرز كعمل ويسترن أكشن ترفيهي من الدرجة الأولى مصنوع بطريقة جميلة.
هوليوود لها تاريخ سيئ في إعادات الأفلام، سواء أفلام أميركية قديمة (كارثة بين هير الجديد مثلاً)، أو عالمية كالإعادة الرديئة للفيلم الأرجنتيني «أسرار في عيونهم»، لكن تظل هناك استثناءات من الصنفين، مثل إعادة جيمس مانغولد لرائعة ديلمر ديفز «3:10 تو يوما» وإعادة مارتن سكورسيزي الكلاسيكية «ذا ديبارتد» من الفيلم الصيني «إنفيرنال أفيرز».
لا يمكن الحديث عن هذا الفيلم The Magnificent Seven أو «الرائعون السبعة»، من دون التطرق إلى أصل الحكاية، وهو فيلم لجون ستورجز بالعنوان نفسه طرح عام 1960، وهو بدوره مقتبس من ملحمة Seven Samurai أو الساموراي السبعة للياباني أكيرا كوروساوا عام 1954.
مصدر ملهم
القصة كلاسيكية وتقليدية، مثلها مثل قصة روبن هود، لكن يعاد تكييفها في كل مرة لتتناسب مع كل ثقافة ومجتمع. ملحمة كوروساوا شكلت مرحلة مفصلية في تاريخ السينما، إذ كانت مصدراً ملهماً لأفلام الويسترن التي جاءت خلال النصف الثاني من القرن الماضي. فيلم الساموراي السبعة كان من أول الأفلام التي تحوي تشكيل فريق من أجل تنفيذ مهمة، وهي الفكرة التي ألهمت الفيلم الأميركي الأول بشكل مباشر والعديد من الأفلام الأخرى.
الفيلم الأميركي الأول ألهم بدوره أعمالاً أخرى، أهمها Battles Beyond the Stars أو معركة خلف النجوم، والفيلم الإيطالي The Seven Magnificent Gladiators، وفيلم بيكسار الأنميشن الشهير A Bug’s Life أو «حياة نملة».
بل إن كثيراً من الأفلام الكلاسيكية التي نعرفها اليوم هو أصلاً مستلهم من خيال كوروساوا، فيلم A Fistful of Dollars أو «حفنة من الدولارات»، وبقي ما يسمى اسباغيتي ويسترن اقتبس من فيلم «يوجيمبو» 1960، وفيلم The Hidden Fortress أو «القلعة الخفية» ألهم جورج لوكاس لصناعة فيلم «ستار وورز».
تغيير
نسخة اليوم من «الرائعون السبعة» عن رجل أعمال جشع يدعى بارثولوميو بوغ (بيتر سارسغارد)، يستولي على مدينة صغيرة تسمى روز كريك عام 1879، ويطرد سكانها ويقتل بعضهم من أجل منجم ذهب.
تقرر امرأة تدعى إيما كولين (هيلي بينيت)، قُتل زوجها من قبل رجال بوغ، طلب المساعدة من صائد غنائم اسمه سام تشيسولم (دنزل واشنطن)، فيوافق الأخير ويقرر تجنيد ستة آخرين للانتقام من بوغ وعصابته وإرجاع السكان المهجّرين إلى مدينتهم.
الستة هم خبير المتفجرات جوش فراداي (كريس برات)، الخارج عن القانون فاسكويز (مانويل غارسيا رلفو)، المقاتل الجنوبي غودنايت روبيشو (إيثان هوك)، الصياد جاك هورن (فينسينت دي أنوفريو)، القاتل المأجور بيلي روكس (الكوري الجنوبي بيونغ هون لي) والمحارب الهندي ريد هارفست (مارتن سينسمير).
النسخة الجديدة من الفيلم من إخراج أنطوان فوكوا الذي كان خلف مجموعة كبيرة من أفلام الأكشن، أشهرها Training Day أو «يوم التدريب» وفيلم The Equalizer أو «المُعادل». هذا التعاون الثالث بين فوكوا وواشنطن، والثاني بين واشنطن وهوك بعد فيلم «يوم التدريب» تحت إدارة فوكوا عام 2001.
من الصعب مشاهدة الفيلم من دون تذكر «يوم التدريب»، خصوصاً في المشاهد التي يظهر فيها واشنطن وهوك معاً، وهما أكثر شخصيتين مكتوبتين بصورة أفضل من بقية أعضاء الفريق. فوكوا ذكي وله الفضل في الأوسكار الذي ناله واشنطن على دوره في «يوم التدريب»، وهو من اقترح اسم واشنطن وهوك لبطولة هذا الفيلم، فهو بهذه الطريقة يضرب عصفورين بحجر: أولاً هي نوستالجيا، وثانياً هي كلاسيكية يعاد صنعها.
مشاهدة النسخة الأصلية 1960 من الفيلم قد لا تكون تجربة جيدة لجمهور اليوم الذي قد لا يفهم لماذا أحب جيل الستينات تلك النسخة التي تبدو مقارنة بهذه بدائية إلى حد ما. لا نقول هي رديئة، بالعكس هي ممتازة، لكن الطريقة التي ظهرت بها لا تناسب التطورات الهائلة التي طرأت على صناعة الأفلام اليوم.
في الإعادة فوكوا غيّر الكثير في التفاصيل، بل طور كل ما كان بحاجة إلى تجديد على صعيد الشخصيات والقصة، والتقنية المستخدمة في المعارك، وفي صناعة الفيلم نفسه، ورغم ذلك ظل وفياً للمصدر الأصلي وهو ملحمة كوروساوا.
شخصيات
على صعيد الشخصيات، نسخة فوكوا مسايرة تماماً لما يحدث في أميركا، إذ إن السبعة يعكسون التنوع العرقي في المجتمع الأميركي (كأنه يرد على دونالد ترامب أن أميركا دولة مهاجرين)، في الوقت نفسه هي تعد نسخة خيالية جداً وتحوي الكثير من التناقضات السياسية، لأن التنوع الذي وضعه فوكوا كان ضرباً من الخيال في القرن الـ19، وحسب تصريحه فإنه صنع الفيلم ليشعر الجمهور بأنه يشاهد نفسه فيه. في الوقت نفسه أضاف فوكوا امرأة وأعطاها دور مقاتلة (لا تحسب ضمن السبعة)، ولم تكن مهمشة كما في النسخة السابقة.
على صعيد القصة، فهو حذف الكثير مما كان في النسخة السابقة، مثل العلاقة التضامنية بين السبعة وأهالي المدينة، وهي التي كانت سبباً رئيساً في نجاح الفيلم السابق، وركز على مشاهد الأكشن الجيدة التي افتقدتها نسخة 1960، لأن القصد هنا عصرنة الفيلم وتقديمه لجمهور اليوم، وهو قرار قد يغضب البعض لكنه لم يكن سيئاً لأنه أضاف للفيلم قيمة ترفيهية عالية.
فوكوا مزج بصورة رائعة بين الأكشن والفنيات، ظهرت بشكل جيد من خلال لقطات عدة، أجملها لقطة هجوم الخيول التي ظهرت كأنها لوحة كلاسيكية مثل اللوحات التي نشاهدها في متاحف أوروبا، وقد يشعر المشاهد بأنه مع الخيول رغم أن الكاميرا ثابتة (بمعنى أن اللقطة غير مهتزة) وبعيدة. فوكوا استعار قليلاً من مخرج أفلام سباغيتي ويسترن الشهير سيرجيو ليوني، وكذلك من المخرج سام بيكنباه في مشاهد العنف.
مشهد معركة النهاية يشبه قليلاً نظيره في فيلم كوروساوا، لكنه يلتقي مع أفلام رامبو من ناحية التنوع الجيد في الأسلحة: مسدسات، بنادق، متفجرات، رشاش، أصابع ديناميت.
بكثير من الجدل؛ جاءت تجربة الفيلم المصري «تيتانيك النسخة العربية»، الذي أطلق بالتزامن مع عطلة عيد الأضحى المبارك، وهي التجربة الأولى التي تتمرد على قوانين العرض السائدة، حيث قام صُنّاع العمل بعرضه عبر موقع «يوتيوب» مباشرة، دون البحث عن فرص لعرضه في دور السينما، ما يمثل خطوة غير مسبوقة.
الفيلم الذي لا تزيد مدته على نصف الساعة، وحقق حتى الآن ما يقرب من ثلاثة ملايين ونصف المليون مشاهدة، قامت ببطولته الفنانة بشرى وشادي سرور الذي عرفه جمهور «يوتيوب» ومواقع التواصل الاجتماعي، من خلال مقاطع الفيديو المصورة، التي كان يقدمها، ويعرض فيها مواقف مختلفة من الحياة اليومية للأسر المصرية، وتعرف عالمياً باسم «Vines»، أما الإخراج فقام به المخرج محمد خضر، الذي كان سيخوض تجربته الأولى في الإخراج، من خلال فيلم «كبريت»، لكنها توقفت بسبب قيام ثورة 25 يناير، وتولى الإنتاج «digisay».
يقدم «تيتانيك النسخة العربية» محاكاة للفيلم الشهير «تيتانيك» في إطار كوميدي ساخر، حسب ما أوضح صُنّاعه في بداية الفيلم، مشددين على أنه لا يهدف إلى تقديم نسخة مقلدة من الفيلم الأصلي، أو التقليل من حجم المأساة الإنسانية التي صاحبت أحداث الفيلم، ولكن لتقديم جزء من القصة بنكهة مصرية ساخرة للترفيه والضحك ليس إلا. هذا التقديم لم يُعفِ صناع الفيلم من اتهامات واسعة، أطلقها رواد مواقع التواصل الاجتماعي والنقاد والمهتمون بالسينما للفيلم وصُنّاعِه بالاستسهال بل والإسفاف. وذهب البعض إلى رفض تصنيف العمل كفيلم سينمائي، وأن الوصف الأكثر دقة له هو «تجربة جديدة ولكنها تفتقر إلى المستوى والمقومات، التي يجب أن تتوافر في الفيلم».
الاتهامات التي واجهها «تيتانيك النسخة العربية» لم تأتِ من فراغ؛ فالسيناريو الذي كتبه شادي سرور، من الصعب التعامل معه باعتباره سيناريو حقيقياً لفيلم، لكن يمكن اعتباره تجميعاً لعدد من المشاهد المهلهلة و«الإفيهات» المستهلكة. ولم يكن التمثيل أفضل حالاً؛ خصوصاً أداء شادي الذي جاء مفتعلاً ومبالغاً فيه، في ما يتعلق باستخدامه اللهجة البورسعيدية، وافتقر إلى أساسيات التمثيل الجيد، وهو ما عكس بوضوح افتقاره للخبرة في تمثيل مشاهد طويلة، نظراً لأن كل ما قدمه من قبل اقتصر على كليبات قصيرة يقدمها بنفسه أيضاً، ورغم خبرتها كفنانة محترفة قدمت العديد من الأدوار؛ لم يكن أداء بشرى بالمستوى المتوقع منها، ضعف الأداء يطرح تساؤلاً عن دور المخرج محمد خضر في توجيه فريق العمل، خصوصاً أنه أطلق قبل عرض الفيلم تصريحات تبشر الجمهور بعمل جيد، يستحق المشاهدة.
مشكلات «تيتانيك النسخة العربية» لم تتوقف على انتقادات المستوى الفني للعمل فقط؛ حيث واجه اتهامات بالسرقة من صفحة «تمت الترجمة»، وهي صفحة على «فيس بوك» تتولى اختيار صور من أفلام عالمية وتقديم تعليقات كوميدية ساخرة عليها، وكانت نشرت منذ فترة مجموعة من الصور التي تعبر عن مشاهد فيلم «تيتانيك» مع تعليقات ساخرة عليها، ولاقت انتشاراً واسعاً بين رواد «فيس بوك»، الذين تناقلوها على صفحاتهم، وعقب عرض «تجربة» شادي سرور وبشرى، اتهم خالد مختار المشرف على الصفحة عبر حسابه على «فيس بوك» سرور بسرقة «إفيهات» من تعليقاته الخاصة بفيلم «تيتانيك»، والتي كتبها ونشرها على صفحة «تمت الترجمة» في 2013. ما نشره مختار من اتهامات بالسرقة لاقى دعماً من عدد كبير من رواد الصفحة الذين عبروا عن استيائهم، بل وأفسح المجال لظهور اتهامات لشادي سرور بسرقة الكليب الذي قدمه من قبل تقليداً لفيلم «إبراهيم الأبيض»، ونشره على قناته بتاريخ 12 نوفمبر 2014، من شباب آخرين قدموا الفكرة تحت عنوان «لوكا الأبيض» نشرت بتاريخ 28 نوفمبر 2013.
في المقابل؛ برزت أصوات تدعو إلى عدم مهاجمة «تيتانيك النسخة العربية» بضراوة، باعتباره يمثل تجربة جديدة، ومن الطبيعي أن تكون لها أخطاؤها، نظراً لحداثة عمر وتجربة بطلها وكاتب السيناريو، كما يجب الاهتمام بها باعتبارها تفتح الطريق لإثبات إمكانية إنتاج وعرض أفلام بإمكانات إنتاجية جيدة، بعيداً عن دور السينما والشكل التقليدي للإنتاج السينمائي، وهو ما يفسح المجال للكشف عن كثير من المواهب والأعمال المتميزة والمختلفة في المستقبل.
تجربة جديدة ولكن ليست «فيلماً»
ذهب البعض إلى رفض تصنيف العمل كفيلم سينمائي، وأن الوصف الأكثر دقة له هو «تجربة جديدة، لكنها تفتقر إلى المستوى والمقومات، التي يجب أن تتوافر في الفيلم».
أعلن ملتقى القاهرة السينمائي الرابع عن مد الموعد النهائي لاستقبال طلبات مشروعات الأفلام إلى 30 الجاري، لتستقر لجنة الملتقى بعدها على 12 مشروعاً كحد أقصى للمشاركة في فعالياته خلال ثلاثة أيام أثناء مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في الفترة من 15 - 24 نوفمبر المقبل، في الوقت الذي وقع فيه الاختيار على المنتج حسام علوان ليكون مديراً لهذه الدورة. ويقدم ملتقى القاهرة السينمائي جوائز لمشروعات الأفلام في مرحلتي التطوير والإنتاج، والجائزة الأولى بقيمة 10 آلاف دولار تقدمها شركة نيو سنشري لفيلم في مرحلة التطوير أو الإنتاج، وجائزة أفضل مشروع فيلم مصري بقيمة 60 ألف جنيه مصري تقدمها شركة الماسة للإنتاج الفني، وجائزة خدمات تصحيح الألوان بمرحلة ما بعد الإنتاج في أروما وتقدمها شركة فيلم فاكتوري، وجائزة مركز السينما العربية وهي عبارة عن دعوة للمنتج لحضور ورشة المنتجين في مهرجان روتردام السينمائي الدولي.
من النادر أن تجد فيلماً من هذا النوع في الصالات المحلية! فيلم يبدو كأنه خرج من حقبة التسعينات ووصل إلينا. هذه الأفلام أصبحت نادرة لا نشاهدها سوى مرة كل بضع سنين، بينما الأبطال الخارقون يحتلون صالاتنا بخمسة أفلام على الأقل كل عام. من الجميل جداً أن نشاهد فيلماً عن أبطال حقيقيين غير خارقين.
لوحات فنية
Image may be NSFW. Clik here to view.
يستخدم المخرج ديريك سيانفرانس، كل اللقطات التي لا تحوي وجوه شخصياته لتصوير مشاهد من الطبيعة: بحر، شاطئ، مروج، غروب الشمس، وكلها لقطات واسعة النطاق كأنها لوحات فنية خالية من البشر تماماً، ربما تعكس الوحدة والفراغ الذي تعانيه كل شخصية على حدة.
سيبقى في الذاكرة
فيلم «المنارة بين محيطين» سيرسخ في الذاكرة لأسباب عدة، أولاً، الأداء المذهل لفاسبيندر وفيكاندر وويز، ثانياً، أكثر فيلم تنفطر فيه القلوب هذا العام، وثالثاً، هو درس في التفكير ضد العاطفة قبل اتخاذ قرار يعلم صاحبه أنه سيجلب عليه عواقب وخيمة.
Image may be NSFW. Clik here to view.
فيلم The Light Between Oceans أو «المنارة بين محيطين» مقتبس من رواية أم إل ستيدمان بالعنوان نفسه، دراما إنسانية عن القرارات الخاطئة التي نتخذها ونحن نعلم عواقبها وآثارها علينا. تفتتح اللقطة الأولى الفيلم عام 1918، والحرب العالمية الأولى قد وضعت أوزارها، نرى محارباً اسمه توم شيربورن (مايكل فاسبيندر) آثر العمل في وظيفة حارس منارة في جزيرة معزولة على بعد 160 كيلومتراً من ساحل أستراليا الغربي بين المحيطين الهندي والهادئ.
يتعرف توم بفتاة اسمها إيزابيل (السويدية أليسيا فيكاندر) الحائزة أوسكار أفضل ممثلة في حفل جوائز أوسكار هذا العام. ويتبادلان الرسائل قبل أن يقعا في الحب وتطلب هي الزواج منه. يوافق توم ويعيشان حياة هانئة على الجزيرة المعزولة لوحدهما باستثناء وقت قدوم سفينة المؤونة التي تزودهما بأي شيء هما بحاجة إليه. ثم يقرران تأسيس عائلة لكن لا يوفقان وتسقط إيزابيل جنينين وتدفنهما على الجزيرة.
ثم تأتي المعجزة من السماء عندما يصل قارب إلى شاطئ الجزيرة به مشهد يختصر الحياة: رجل ميت، بجانبه طفلة رضيعة حية. ورغم أن توم يعلم أن الحكومة وقوانين الشركة تحتم عليه الإبلاغ عن كل ما يرده إلى الجزيرة وكان على وشك فعل ذلك، إلا أن إيزابيل أثنته عن ذلك ليتخذا من تلك الرضيعة قرة عين لهما ويطلقان عليها اسم لوسي.
تقنع إيزابيل توم بإبلاغ الشركة في ما بعد أنها وضعت حملها وهو هذه الرضيعة، وأن الأمور على ما يرام وهي ليست بحاجة إلى مساعدة طبية. يذهب توم وإيزابيل إلى الكنيسة لتعميد لوسي، وأثناء خروج توم يلمح امرأة تركع عند أحد القبور، يذهب ليرى القبر فيكتشف أنها أرملة الرجل الميت في القارب ووالدة طفلتهما لوسي. يدخل توم في صراع نفسي بين ضميره بالإبلاغ عما حدث أو الانصياع لرغبة زوجته وتحمل منظر الأم الثكلى التي تظن أن طفلتها ميتة.
مادة مؤثرة
الأداء القوي هو الذي يحكم هذا الفيلم من أوله إلى آخره، بل هو ما يثير الإعجاب وهو الذي يبث الروح في الفيلم الذي يرفع من قيمة العمل الفني ليكون أكثر من مجرد قصة عادية في سياق تاريخي معين. لو فصلنا الميلودراما عن الفيلم ستظل لدينا مادة قوية مؤثرة عاطفياً وهو أهم عنصر لفيلم من هذا النوع.
فاسبيندر رائع في دور الرجل المنعزل المتعب نفسياً من ويلات الحرب. فيكاندر هي نقيضته تماماً - فتاة اجتماعية معبرة عن حالها أحياناً بطريقة شديدة. الثلث الأول من الفيلم يركز على العلاقة بينهما قبل دخول لوسي، وهنا نرى التفاعل الجميل بينهما وانغماسهما تماماً في دوريهما (الطريف أنهما وقعا في الحب فعلاً أثناء تصوير الفيلم).
تحولات نفسية
بعد دخول لوسي يصبح النص معقداً أكثر وكلا الممثلين يضطر للدخول في تحولات نفسية جذرية قصوى. النصف الثاني من الفيلم يصبح مؤلماً عاطفياً وغنياً بالأسئلة: هل قرار تبني الطفلة هو اختطاف؟ إلى أي حد يجب إظهار قدر من اللين على مجرم محتمل خصوصاً لو كان الأمر يتعلق بحياة طفل؟ ما المؤهلات الواجب توافرها في الوالدين؟ كل هذه الأسئلة يتركها الفيلم بلا إجابات.
ريتشيل ويز في دور هانا التي فقدت زوجها ورضيعتها في البحر قوي هو الآخر وفي أجزاء من الفيلم يكاد أن يكون الأقوى. هل يجب أن نتعاطف معها أم مع إيزابيل المحرومة من الأطفال؟ ما ذنب لوسي عندما تكبر قليلاً، ونعلم أن والدتها الأصلية أسمتها غريس جراء ما يحدث؟
أروع مشهد في الفيلم والأكثر تعبيراً عندما تلتقي هانا مع توم وإيزابيل للمرة الأولى وترى الطفلة معهما، فتنظر هانا في عين طفلتها وتتأملها كأنها تعرفها وتكاد أن ترتجف لكنها تنجح في التماسك، ليس لأنها علمت أنّها طفلتها، لكن لأنها تذكرت أن لديها طفلة ربما مفقودة أو ميتة.
هذه قصة عن الحب والثمن الذي يجب أن ندفعه لو اتخذنا قراراً عاطفياً، هي أيضاً قصة عن الشعور بالذنب والتسامح والافتداء، وكلها حسب سياق الأحداث قرارات صعبة جداً. كل شخصية تتخذ قرارات كارثية بسبب الحب سواء حب شريك الحياة أو حب طفل، وعلى كل شخصية التكيف مع كل قرار وعواقبه.
عمل بلا أشرار
المفاجأة أن الفيلم مؤثر دون وجود شخصية واحدة شريرة، مجرد شخصيات مخطئة نتيجة قرارات ناجمة عن سوء استشارات لكن نتفهم تلك القرارات. الفيلم يحوي جزئية قوية لا يمكن التغافل عنها وهي فكرة اختيار رجل عزل نفسه في جزيرة لوحده ليحرس منارة، في الوقت نفسه هذه الجزيرة تعتبر بيته، هذه لم تحصل في كل أفلام دراما النجاة (هذا ليس فيلم دراما نجاة، المقارنة لتشابه الموقف فقط)، دائماً الظروف تجبر الشخصيات على الانعزال، لكن هنا لدينا حالة جديدة خصوصاً أن شخصية توم مثالية لهذا الظرف لأنه محارب، ومن المثير للفضول أن نعلم ما الذي رآه في الحرب جعله يتخذ هذا القرار الجريء، هل هو هارب من ماضيه؟ أم يعاقب نفسه جراء شيء فعله في الحرب؟ كلها أسئلة تستحق الاستكشاف.
هذا الفيلم عميق جداً ومبكٍ، ومن الصعب أن يشاهده شخص دون أن ينفطر قلبه.
ذكرنا في قراءتنا لفيلم «بلير ويتش» أن فيلم «كانيبال هولوكوست» عام 1980، للإيطالي روجيرو ديوداتو، كان أول فيلم رعب من صنف (Found Footage) أو «لقطات تم العثور عليها»، حسب مؤرخي السينما، إلا أن فيلم «ذا بلير ويتش بروجيكت» عام 1999، هو الذي أطلق هذا الاتجاه الفرعي في سينما الرعب، بالصورة المتعارف عليها حالياً بين الناس.
في القرن الـ21، وتحديداً في العقد الماضي، ازدهر هذا الاتجاه بشدة، وكان سبباً في تراجع أفلام Slasher (أفلام القتل بالسكين)، التي هيمنت على سينما الرعب لعقدين من الزمن تقريباً، من 1984 حتى نهاية عقد التسعينات.
ضبابية
Image may be NSFW. Clik here to view.
أفلام «لقطات تم العثور عليها» كانت في السابق مقبولة بشخصيات وقصص سطحية مادامت تقدم تجربة مشاهدة مثيرة، لكن الآن لم يعد ذلك مقبولاً، حيث أصبحت القصص والشخصيات محط انتقاد بسبب ضحالتها. بشكل عام وضعية هذه الأفلام أصبح ضبابياً، وفي الوقت نفسه بسبب عمليات المزج غير الموفقة تولّد شعور لدى عشاق السلسلات الأخرى أن هوليوود تحاول مزج هذه النوعية بالأنواع الأخرى حتى لا تضمحلّ الأولى. هذا تسبب في انتشار شائعات أن سلسلة مثل Friday the 13th، ستكون من نوع «لقطات تم العثور عليها» مستقبلاً، ما أدى إلى إغضاب جماهير السلسلة، وهو ما دفع منتجيها إلى نفي الشائعة، وطمأنتهم أن ذلك لن يحدث.
أسباب نجاح وازدهار هذه النوعية من الأفلام تعود بالدرجة الأولى إلى أسلوبها الواقعي جداً في تقديم المادة المصورة (غالباً تتميز بالاهتزاز الشديد)، وهو ما أدى إلى خلق حالة التباس بين الناس التي ظنت أن فيلماً مثل Chernobyl Diaries عام 2012 هو من صنف «لقطات تم العثور عليها»، نظراً لأنه يحمل بعضاً من سمات الصنف، وللعلم أن أحد كتّابه هو أورين بيلي مخرج فيلم «بارانورمال آكتفيتي» (نشاط خارق للعادة)، وهو أحد أكثر أفلام هذا الصنف شعبية.
اليوم نحن أمام أحدث فيلم من هذا الاتجاه وهو «بلير ويتش»، الفيلم الثالث في السلسلة إجمالاً، والثاني من ناحية القصة، على اعتبار أنه تم تجاهل ما حدث في الجزء الثاني المعروف باسم «ذا بووك أوف شادوز». الفيلم مثير للاهتمام والنقاش، كونه تأثر بالتغييرات التي طرأت على هذا النوع خلال 17 عاماً الماضية، أي منذ طرح الجزء الأول في دور العرض. الفيلم الجديد يستخدم أسلوب الجزء الأول نفسه تماماً، لكنه غيّر كثيراً على صعيد التقنيات المستخدمة من قبل الشخصيات، أي أنه (مُعصرن) تماماً، لكن ذلك لا يعفي صانعيه من السؤال المهم: ما الخطوة التالية لهذا الصنف الذي اهترأت معادلته؟
قبل محاولة التوصل لإجابة، دعونا نرصد مراحل تطور هذا الاتجاه الفرعي في سينما الرعب من أيام «ذا بلير ويتش بروجيكت».
بينما تم منع «كانيبال هولوكوست» من العرض في دول عدة، ووجهت اتهامات لصانعه (تم إسقاطها لاحقاً) مفادها أن مادة الفيلم عن أكلة لحوم البشر لم تكن مصطنعة، وأن الجماهير احتارت في كون الأحداث حقيقية، فإن «ذا بلير ويتش بروجيكت» لعب على العامل نفسه إنما بطريقة أخرى، فقد استغل الفيلم جهل الجماهير بهذا الصنف من الأفلام لمصلحته.
«ذا بلير ويتش بروجيكت»، بشكل عام، سجل سابقة، إذ إنه الفيلم الأول الذي يوظف الإنترنت لتسويقه، فقد تم تحميل موقعه الرسمي بمقاطع فيديو تضمنت مقابلات مزيفة وتقارير شرطة تلمّح إلى أن كل أحداث الفيلم حقيقية، وهي فكرة عزّزها صانعو الفيلم خلال جولاتهم في مهرجانات الأفلام.
خدعة
Image may be NSFW. Clik here to view.
«بارانورمال آكتفيتي» تم تصويره عام 2007 في 10 أيام بميزانية بلغت 15 ألف دولار، وعند عرضه في مهرجان «سلامدانس السينمائي» أحدث ضجة.
Image may be NSFW. Clik here to view.
«رغم أن صنف (لقطات تم العثور عليها أو المكتشفة) مرتبط بسينما الرعب، إلا أنه كانت هناك محاولات لدمجه مع أصناف أخرى خارج سينما الرعب في العقد الماضي».
«في القرن الـ21، وتحديداً في العقد الماضي، تراجعت أفلام Slasher (أفلام القتل بالسكين)، التي هيمنت على سينما الرعب لعقدين من الزمن تقريباً».
مستقبل غامض
من الصعب تحديد مستقبل هذا الاتجاه الفرعي وما إن كان سيتطور دون خلطه بالأصناف الأخرى، «بلير ويتش» لن يرسخ في الأذهان كعمل ملهم، كما حدث مع الأصلي، لكنه يعتبر مثالاً جيداً يوضح ويثبت أن هذا الاتجاه تغيّر كثيراً منذ انطلاقه فعلياً عام 1999، من الممكن أن نشاهد لقطات تم العثور عليها من خلال تطبيقات الأجهزة الذكية مثلاً أو حتى من خلال كاميرا طائرة دون طيار، لكن حان الآن الوقت لبدء نقاش جاد في هوليوود عن الخطوة التالية لهذا الاتجاه.
Image may be NSFW. Clik here to view.
الخدعة لم تنطلِ على الجميع، لكن تمكّن الفيلم من خداع نسبة كبيرة جداً من البشر كانت كفيلة بتأمين إيرادات تخطت عتبة الـ200 مليون دولار مقابل ميزانية لم تتجاوز 60 ألف دولار. وهكذا أصبح الترويج عبر الإنترنت أحد مظاهر التسويق في عالم الأفلام، وامتد ذلك ليشمل الأفلام المستقلة وأفلام الميزانيات الضخمة (البلوكباستر)، مثل جوراسيك وورلد 2014.
وهو الأسلوب ذاته ومفتاح النجاح للمخرج مات ريفز عندما طبّقه لتسويق فيلمه «كلوفرفيلد» عام 2008، لكن ريفز لم يعتمد بالضبط أسلوب «بلير ويتش بروجيكت»، بل كان أكثر ذكاء، فبدل أن يبث ريفز أخباراً كاذبة أو ادعاءات أن مادة فيلمه قد تكون حقيقية، وبالتالي يثير فضول الجماهير، ذهب باتجاه الترويج إلى سرية الفيلم، وامتنع حتى عن ترويج القصة أو الممثلين، وحث الجماهير على التواجد في الصالات لحضور الفيلم واكتشافه بأنفسهم، وسجل التاريخ ذلك كأحد أنجح وأذكى أساليب التسويق في عالم السينما.
في الوقت الذي أحدثت فيه سرية فيلم «كلوفرفيلد» ضجة قبل طرحه، كان هناك فيلم صغير يسمى «بارانورمال آكتفيتي» بدأ بعمل ضجة شبه موازية في دوائر مهرجانات الأفلام، وكما كان «بلير ويتش بروجيكت» يتلاعب بعامل ادعاء واقعية أحداثه فإن «بارانورمال آكتفيتي» دفع باتجاه تعريف نفسه كأحد أكثر التجارب رعباً داخل صالات السينما.
«بارانورمال آكتفيتي» تم تصويره عام 2007 في 10 أيام بميزانية بلغت 15 ألف دولار، وعند عرضه في مهرجان «سلامدانس السينمائي» أحدث ضجة، ما دفع إلى عرضه بشكل محدود في دور السينما الليلية فقط في المدن الصغرى. قرر الاستوديو (باراماونت)، بعد ذلك، التعاون مع شركة متخصصة في الترويج للحفلات لصنع حملة تسويقية له. كانت الحملة عبارة عن سؤال من الشركة للجمهور عن طريق «تويتر» إن كانوا يريدون مشاهدة الفيلم في الصالات الكبرى والمدن الرئيسة في الولايات المتحدة، فجاءت الإجابة بنعم من مليون شخص متحمس، فقررت الشركة عرضه في 160 صالة، ما حقق أرباحاً بلغت 7.9 ملايين دولار في إجازة نهاية الأسبوع، ما حطم الرقم القياسي كأعلى فيلم يحقق أرباحاً يعرض في أقل من 200 صالة. وإجمالاً، حقق الفيلم أرباحاً فاقت 193 مليون دولار، وكل ذلك بسبب الحملة الشهيرة على الإنترنت باسم «Tweet your scream» أي «غرّد بصرختك».
وفي نهاية المطاف حققت الأفلام الثلاثة (بلير ويتش بروجيكت وكلوفرفيلد وبارانورمال آكتفيتي، أصبحت ثلاث سلسلات في ما بعد) أرباحاً فاقت توقعات أكثر المتفائلين حيالها رغم اختلاف أساليب التسويق، لكنها كلها عبر الوسط نفسه: الإنترنت.
سرية
ما سبق يعيدنا إلى «بلير ويتش 2016»: فيلم وظف أساليب تسويق تقليدية وعبر الإنترنت، كما فعل الجزء السابق، وكذلك أحدث ضجة في مهرجانات الأفلام، كما فعل «بارانورمال آكتفيتي»، وفوق كل هذا حافظ على مستوى من السرية، كما فعل كلوفرفيلد، وذلك بتسويقه كفيلم رعب أصلي بعنوان The Woods أو الأدغال، قبل الكشف عن هويته الحقيقية بعد عرضه في مؤتمر سان دييغو للكومكس هذا العام.
المثير للاهتمام أن طرح فيلم 10 «كلوفرفيلد لين» هذا العام (الجزء الثاني من كلوفرفيلد، وليس ضمن صنف أفلام لقطات تم العثور عليها) أحيطت به سرية تامة لم ترفع إلا قبل عرضه بشهرين. السؤال هنا هو بعد أن لعب «بلير ويتش بروجيكت» على عامل ادعاء الواقعية من أجل جذب الانتباه، فهل ستتمكن الأفلام المقبلة في المستقبل من اتباع الخطى نفسها؟ إجابة مبدئية: نعم ممكن، لكن سيكون صعباً للغاية. السبب هو انتشار نظريات تدّعي أن شركة «باد روبوت» المنتجة لفيلم «كلوفرفيلد» تحضّر الآن لصنع فيلم خيال علمي أصلي بعنوان (جسيم أولي) هو في الحقيقة الجزء الثالث من كلوفرفيلد لكنه متخفٍّ وراء ذلك العنوان.
لكن لطالما تعرضت أفلام صنف «لقطات تم العثور عليها» لانتقادات، كون هذا الصنف محدود جداً بأسلوب واحد لا يستطيع تغييره. وهو ما دفع أفلاماً أخرى لمحاولة الخلط بين اتجاهين فرعيين من سينما الرعب في محاولة منها لإضافة بعد جديد عليه. فمثلاً تم استخدام تسجيل فيديو قديم كجزء من السيناريو في فيلم The Quiet Ones. أفلام أخرى من الصنف ذاته وظفت التقنية الحديثة كأن يتم تفريغ الفيلم من كاميرات مراقبة أو كاميرا آيفون أو حتى كاميرا الكمبيوتر، كما شاهدنا في بارانورمال آكتفيتي 4 وأنفريندد، وكلها محاولات لإضافة بعض التغيير ليس إلا.
بلير ويتش 2016 اتبع المعادلة نفسها بإدخال تقنية حديثة: أجهزة تسجيل صوتية، طائرة دون طيار، وغيرها ضمن السيناريو، لكن رغم ذلك لم يتمكن من تجنب الانتقادات أن تلك التقنية لم تسهم إطلاقاً في تطوير الفكرة أو إضافة أي جديد، بل حتى فشلت في التغلب على ساحرة! بالتالي فإن الفيلم لايزال متهماً بمحدودية الفكرة وضحالة مادته لتحقيق الوفاء التام للفكرة الأصلية، التي يعتبر المخرج آدم وينغارد أحد أشد المعجبين بها. كل ما حصل عليه الجمهور من خارج دائرة عشاق الفيلم الأصلي هو لقطات مهزوزة لم تمكنهم حتى من رؤية شكل الساحرة بوضوح، رغم أن أجهزة التصوير المستخدمة حديثة جداً.
محاولات
رغم أن صنف «لقطات تم العثور عليها أو المكتشفة» مرتبط بشكل كبير بسينما الرعب إلا أنه كانت هناك محاولات لدمجه مع أصناف أخرى خارج سينما الرعب، خصوصاً في العقد الماضي عندما شاهدنا فيلماً من هذه النوعية عن أناس يكتسبون قوى خارقة، مثل «كرونيكل» أو أفلام مراهقين «بروجيكت إكس» أو أفلام شرطة، مثل The End of Watch - «نهاية المناوبة»، أو حتى أفلام خيال علمي للأطفال تحاكي نظيراتها في الثمانينات، مثل Earth to Echo.
بنظرة متفحصة إلى كل هذه الأفلام، نلاحظ أن بعضها صنع بهذه الطريقة لأسباب تتعلق بقصته مباشرة، مثل أنفريندد (عن التنمّر عبر الإنترنت)، لكن الأفلام الأخرى تميل إلى استغلال مزايا الصنف لتضمن صناعته في حدود ميزانية منخفضة، بينما كان بالإمكان أن تصنع بالطريقة التقليدية مثل As Above, so below.
بالمقارنة، «بلير ويتش» يوظف الأسلوب كإشارة للفيلم الأصلي، كونه يتفرع منه، لكنه يتطلع إلى الظهور بصورة منقحة أو نقية أكثر من الفيلم الأصلي، وربما أكثر مما تتطلبه معايير الصنف، لكن السؤال هل يطور ذلك من مادة العمل؟
المخرج آدم وينغارد وكاتبه المفضل سايمون باريت لهما تاريخ مشترك في تطوير الأفلام بمزج القديم بأفكار مبتكرة، مع إضافة عناصر صادمة ممثلة بقلب قيم سياسية أو مجتمعية، وشاهدنا ذلك من خلال فيلميهما You’re Next أو «أنت التالي» وThe Guest أو الضيف، وهذا الأخير خير تجسيد لهذا الوصف.
وينغارد وباريت لا يفعلان الشيء نفسه تماماً مع «بلير ويتش»، حيث إنه لا يحمل سمات أفلام قديمة، كما الفيلمان المذكوران آنفاً، بل هو يبني مباشرة على الأساس الذي تركه الفيلم الأصلي والأفلام اللاحقة المتأثرة به من جميع النواحي: من الأسلوب وانتهاء بعملية تسويقه، لكن رغم ذلك فإن «بلير ويتش» ينتهي دون التلميح أو إضافة جديد أو على الأقل الإشارة إلى ما هو التالي.
كشف مهرجان دبي السينمائي الدولي عن أسماء الدفعة الأولى من الأفلام العالمية التي ستكون جزءاً من برنامج «سينما العالم»، المُنتظر عرضها في دورة المهرجان الـ13 التي ستنظم بين 7 و14 ديسمبر المقبل.
وتلفت أفلام برنامج «سينما العالم»، وعددها نحو 50 فيلماً، أنظار الآلاف من جمهور المهرجان، بما تتضمنه من أعمال نخبة من المشاهير والمواهب السينمائية العالمية.
«مولد أمة»
يلفت المخرج الأميركي نيت باركر أنظار الجمهور إلى ظلم عالمي في فيلمه «مولد أمة» (ذي بيرث أوف إي نيشين). ويروي قصة حقيقية عن شاب متعلم اسمه نات ترنر، يعاني العبودية، لكنه يُستغل كونه متعلماً ليصبح واعظاً ويقود شعبه إلى ثورة.
«لفينغ»
يبرز فيلم «لفينغ» قصة من تاريخ الولايات المتحدة، وهو من إخراج جيف نيكولز. ويتحدث الفيلم عن قصة عاطفية لريتشاد وملدريد لفينغ بعد مخالفتهما قانون ولاية فرجينيا الذي يمنع الزواج بين الأعراق المختلفة، وذلك في العام 1967. وتتطور الأمور وتصل قضيتهما إلى المحكمة العليا.
«كالمجنون»
يشارك المخرج الإيطالي باولو فيرزي، من خلال أحد أبرز الأفلام لهذا العام، بعنوان «كالمجنون» (لايك كريزي)، الذي يتناول قصة بياتريس؛ الحالمة والمتعطشة للسلطة، ودوناتيلا؛ المحطمة عاطفياً. تشكل السيدتان ثنائياً كوميدياً بعد هروبهما من المصحّة النفسية.
وقال المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي الدولي، مسعود أمر الله آل علي: «نحن ملتزمون بربط الثقافات عن طريق السينما، ومن السهل رؤية هذا في برنامج أفلام «سينما العالم». إنّ الرؤى والخبرات المختلفة المتوافرة في هذه الأفلام المميزة، التي تتضمّن بعض أكثر الأعمال المُنتظرة لهذا العام، ستنجح في نقل المشاهدين إلى أماكن لم يروها من قبل، موسعةً آفاق رؤيتنا للعالم من حولنا، وموفرةً منصة للتفاهم الثقافي».
وتشمل المجموعة الأولى فيلم المخرج البريطاني أوتو بيل بفيلمه الوثائقي «صائدة النسور» (ذي إيغل هانتريس). ويروي الفيلم قصة أيشولبان، وهي فتاة عمرها 13 عاماً تسعى لإثبات نفسها في صيد النسور، في مجتمع تسوده الذكورية في جبل الألتاي بمنغوليا. تجمع القصة الواقعية المثيرة بين عناصر العائلة والتقاليد والشجاعة، وتنقل للمشاهدين وقائع رحلة نجاح الفتاة التي أصبحت أول صائدة نسور خلال 2000 عام، بعد تدريب قاسٍ ومواجهة العديد من العقبات.
ويشارك المخرج المالي الفرنسي داودا كوليبالي، عبر تجربته الروائية الأولى «فولو»، في قصة مستوحاة من شوارع مالي. فالشاب لادجي يعاني الفقر، ويعمل بجد سعياً لحياة أفضل له ولشقيقته، كي يبعدها عن حياة السوء، وتبدأ حبكة الفيلم حين تُعرض عليه فرصة عمل خيالية، لكنها مليئة بالمخاطر، لتحوّل يأسه إلى تهور.
ويستعرض فيلم «المدرِّسة» (ذي تيتشر)، من إخراج التشيكي يان هيربيك، معضلات أخلاقية حين تنقلب حياة الطلاب وأولياء الأمور بعد ظهور المدرّسة الجديدة الآنسة درازيشوفا في أحد أحياء براتسيلافا. وتتطوّر الأمور ويقرر المدير والمجتمع وضع حد للمشكلة، بعدما تسببت أساليبها الفاسدة في انتحار أحد الطلاب، لكن مخططاتهم تصطدم بالخوف من علاقات المدرِّسة القوية بأعضاء من الحزب الشيوعي.
وينضم المخرج الأسترالي المخضرم إيفان سين؛ المعروف بتسليطه الضوء على صعوبات السكان الأصليين لأستراليا، من خلال فيلم الإثارة والجريمة «غولدستون». ويتابع الفيلم قصة جاي سوان، وهو محقق شرطة من السكان الأصليين، يتم إرساله للتحقيق في تقرير عن أحد الأشخاص المفقودين في مدينة غولدستون. يسعى جاي إلى تطبيق القانون، رغم صراعاته الشخصية مع الشرطة المحلية، وتؤدي المهمة الروتينية إلى الكشف عن شبكة واسعة من الفساد والجريمة.
ويشهد فيلم «ذئب وخروف» (وولف آند شيب)، ظهور موهبة شاهربانو سادات من خلال فيلمها الأول المبني على طفولتها في أفغانستان. تتابع القصة الإنسانية للفيلم حياة الطفلتين الأفغانيتين؛ صدّيقة وقدرات (11 عاماً)، إذ تتعرضان للسخرية والنبذ من المجتمع في قريتهما، ثم تقرران الهرب وتلتقيان مصادفة في الجبال المحيطة بالقرية، ما ينتج عنه تحالف غير اعتيادي بينهما.
أما المخرج السنغافوري جونفينغ بوو فيقدّم قصة عن العدل والإنسانية من خلال فيلم الدراما «مبتدئ» (أبرانتيس) الذي يروي قصة أيمن، وهو ضابط سجن يبلغ من العمر 28 عاماً، ولا يمتلك في العالم سوى شقيقته الأكبر سناً. يتعمّق الفيلم في الضمير والواجب في عالم جلادي السجون، خصوصاً بعد انعقاد صداقة غير اعتيادية بين أيمن وكوون، رئيس الجلادين، فينكشف ماضي أيمن لرئيسه، وسرعان ما يجد نفسه أصبح تلميذه في التعذيب.
ويقدم المخرج الياباني هيروكازو كوري- إيدا فيلم «بعد العاصفة» (أفتر ذي ستورم)، متناولاً قصة مؤثرة عن ريوتا، وهو مؤلف سابق تعرّض للطلاق، ولكنه يحاول بعد وفاة والده استعادة عائلته، ونسيان الماضي، والتركيز على المستقبل من أجل ابنه الصغير.
وينضم المخرجان البلغاريان كريستينا غروزيفا وبيتر فالشانوف، من خلال تحفتهما الفنية الاجتماعية السياسية عن الفساد «غلوري». يصوّر الفيلم عامل السكك الحديدية تسانكو بيتروف، وعثوره على ملايين من الأوراق النقدية على السكة الحديدية، ما يشكل فرصة حقيقية لتغيير حياته. لكن تسانكو يفاجئ الجميع لاحقاً بتصرفاته التي تتركه محتاراً بين حياة العمال الكادحين والسلطة الفاسدة.
ويقدم المخرج الروماني كريستي بويو سيناريو مميزاً في فيلمه «سيرانيفادا»، الذي يصور عائلة تجتمع للعزاء بعد وفاة أحد أفرادها، لكن الأمور لا تمر بالشكل المتوقع، حيث ترتفع حدّة التوتر والانفعالات، عندما تنكشف بعض الحقائق. ومن بولندا، يشارك المخرج آندريه فايدا في تحفته «آفتر إيماج». ويروي الفيلم قصة حياة فنان معاصر شجاع، يرفض التضحية بحريته الفنية أمام سلطة النظام الشيوعي، لكن مع مرور الوقت والضغوط المذلّة التي يتعرض لها، يضطر لتقديم تنازلات مؤلمة.
وفي آخر أفلام الدفعة الأولى من برنامج «سينما العالم»، لهذا العام، تعود المخرجة المكسيكية تريشا زيف للمشاركة في «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، وهذه المرة من خلال فيلم السيرة الذاتية «الرجل الذي رأى كثيراً» (ذي مان هو سو تو ماتش). يروي الفيلم قصة المصور الشهير انريكي ميتنيديس، الذي يفتح مع زملائه من خلال العدسة أبواب عالم الجريمة في مكسيكو سيتي. وتتعمق عدسة المخرجة متساءلة إذا ما كانت تصوّر الواقع، أم تنقل انعكاس الولع بالموت. من ناحيته، قال مدير برنامج «سينما العالم» ناشين مودلي: «نستكشف العالم بحثاً عن أفضل وأكثر الأفلام تنوعاً، من أجل عرضها لجمهور مهرجان دبي السينمائي الدولي كل سنة. وأفلام هذا البرنامج جزء أساسي من المهرجان، لما تقدّمه من تجارب ملهمة وممتعة للجميع».
للمرة الثانية، خلال شهر، لدينا فيلم يستمد قصته من عناوين الأخبار. الفيلم السابق كان «سولي» عن الهبوط المثير للجدل للطيار الأميركي، تشيسلي سولينبرغر، في نهر هدسون في نيويورك. واليوم أمامنا فيلم «ديب ووتر هورايزون» المستند إلى قصة حقيقية؛ وهي حادثة انفجار منصة النفط البحرية التابعة لشركة «بريتيش بتروليوم»، المعروفة اختصاراً BP، في 20 أبريل 2010 بخليج المكسيك، مخلفة 11 قتيلاً، والتي عرفت إعلامياً بأكبر وأسوأ كارثة نفطية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
خلال ثلاثة أشهر من الانفجار، تدفق أكثر من 200 مليون غالون من النفط في مياه خليج المكسيك؛ ما تسبب في كارثة بيئية دمرت الثروة السمكية، وأثرت حتى في حركة السياحة.
شخصيات جافة
Image may be NSFW. Clik here to view.
أفضل لقطة
في بداية هذا الفيلم مشهد حواري بين مايك وابنته (ستيلا آلين) حول فروضها المدرسية، تشبّه فيه الابنة النفط بوحش كامن في أعماق البحر ويجب احتواؤه، الجميل أن بيرغ يأخذ الفيلم من هذه النقطة، ويبني أجواءه مثل أفلام الوحوش بتصوير لقطات مظلمة ومخيفة لأنابيب وقواعد المنصة تحت الماء، حيث يبدو كأن هناك بالفعل وحشاً كامناً ينتظر لحظة الانقضاض (لقطة وقوع الانفجار)، وبقدر ما هي مرعبة فهي كذلك أفضل لقطة في الفيلم.
الفيلم يبدأ بمايك ويليامز (مارك وولبيرغ)، عامل يصل إلى منصة «ديب ووتر هورايزون» البحرية، ليبدأ مناوبة جديدة في عمله لمدة ثلاثة أسابيع. مايك بالكاد يجد الوقت لتبديل ملابسه عندما يأمر رئيسه جيمي هاريل (كورت راسل) بعمل اختبارات تتعلق بسلامة المنصة وسط اعتراضات من دونالد فيلدرين (جون مالكوفيتش) أحد المديرين التنفيذيين في «بريتيش بتروليوم».
تتسبب الاختبارات في حالة قلق بين ثلاثة موظفين يديرون العمليات في المنصة، أندريا فليتاس (جينا رودريغيز)، كاليب هولواي (دايلان أوبرايان)، وجيسن أندرسون (إيثان سوبلي) لأن قراءة المؤشرات على الكمبيوتر تشير إلى تكون حالة ضغط عالٍ، بينما لا يظهر أي اكتراث على مديري الشركة الذين يشكون تأخر العمل في مشروعهم 43 يوماً.
في تلك الأثناء، وبينما مايك يتحدث مع زوجته فيليشا (كيت هدسون) عبر «سكايب»، وجيمي يستحم، فجأة يندفع النفط عبر أنبوب، ثم يقع انفجار ضخم وتتحول البئر النفطية إلى جحيم، وتشتعل النيران في المنصة.
الساعة الأولى من الفيلم مليئة بشروحات تقنية عن الأجهزة والمعدات الموجودة في المنصة، ويتضمن ذلك جدلاً شديداً حول كيفية التعامل مع خطة الصيانة وإجراءات السلامة، خصوصاً في ظل وجود الكثير من الأجهزة المعطوبة؛ وهو ما يعطي الفيلم الكثير من الواقعية في التفاصيل، لكن يتسبب في إصابة عملية التأسيس لبناء الشخصيات بجفاف.
فمثلاً، لا نرى الشخصيات إلا في إطار وظائفها على المنصة، لا توجد شخصية واحدة تتميز بشيء نتذكرها بسببه في يوم الكارثة، وهذا يعطل عملية خلق الرابط العاطفي معها، ولا نملك لهم سوى الأمل بنجاتهم، لكن من دون التعلق بشخصية معينة، طبعاً باستثناء بطل القصة ويليامز ورئيسه هاريل.
سرعة وإثارة
المخرج بيتر بيرغ له باع طويل في أفلام الأكشن والمغامرات، إذ كان خلف فيلم The Rundown مع دواين جونسون الملقب بـ«ذا روك»، وكذلك فيلم هانكوك، وLone Survivor أو «الناجي الوحيد» عام 2013.
أفلام بيرغ تتميز بالسرعة والإثارة، وتؤسس الشخصية المحورية فقط لربطها بسياق القصة، لكن من دون التعمق فيها. بيرغ وفريقه التقني هنا بنيا عملاً جباراً من خلال إعادة صنع أحداث الكارثة، ورسم صورة الجحيم الذي عاشته الشخصيات من خلال الانفجار الضخم.
الحقيقة أن المشاهد قد يصدم من هول اللقطات التي ظهرت في الفيلم، وأن موت 11 شخصاً فقط في انفجار ضخم محصور في منطقة صغيرة مثل هذه المنصة النفطية هو أشبه بمعجزة، فرغم أننا نعلم عدد القتلى إلا أن المشهد لا يوحي بنجاة أحد.
على صعيد النص، فإن «ديب ووتر هورايزون»، وهو فيلم يمزج صنف الكارثة ودراما النجاة، يتفوق كثيراً على «سنودن» من ناحية القضية التي يناقشها، رغم أنه يطبق معادلة أفلام الكوارث المستهلكة (أحداث قبل الكارثة - وقوع الكارثة - عملية الإغاثة)، ولو أنه بدأ من مرحلة التحقيق كما فعل كلينت إيستوود في «سولي»، لربما شاهدنا فيلماً مثيراً للاهتمام أكثر من هذا.
مارك وولبيرغ يعطي الشخصية بعداً إنسانياً جميلاً جداً، وبيرغ يركز على شجاعة الرجل (ويليامز) واهتمامه بإغاثة زملائه، ما يرسم صورة إنسان بطل من دون المبالغة في تمجيده، وهو بالضبط ما فعله إيستوود في «سولي».
زوجات.. مهمّشات
كورت راسل يرتقي بأي فيلم يظهر فيه؛ وهو هنا في دور قائد العاملين المحبوب، وإضافته لطاقم الفيلم مثالية. أما كيت هدسون (في الحقيقة هي ابنة كورت راسل بالتبني وهذا أول ظهور لهما معاً في فيلم)، فهي غير مستغلة، وهنا مسألة تستحق النقاش وهي مسألة زوجة البطل في الأفلام التي تجمع بين السيرة الذاتية والأزمات والكوارث، حيث تظهر مهمشة لا عمل لها سوى التعبير عن القلق!
دعونا نستعرض أمثلة عدة على ذلك: أولاً، كيت هدسون في دور زوجة مايك ويليامز في هذا الفيلم كانت في معظم المشاهد تتواصل مع زوجها عبر «سكايب»، ثم عندما ينقطع الاتصال نراها قلقة تتصل بمركز الشرطة أو تجلس متوترة!
ثانياً، لورا ليني، في دور زوجة الطيار سولي، كانت تظهر في لقطات عبر الهاتف لا عمل لها سوى النوح والبكاء! (شخصية هدسون بها عمق أكثر من شخصية ليني).
ثالثاً، شيلاين وودلي في دور صديقة سنودن، لا عمل لها سوى الاعتراض والبكاء والمشاجرة معه حسب ما يحدث له!
رابعاً، آنا دي آرماس، في دور زوجة ديفيد باكوز في فيلم War Dogs أو «كلاب الحرب»، لا عمل لها سوى تفهم ما يفعله زوجها أو رفضها مؤقتاً ثم تفهمها مرة أخرى لقراراته!
خامساً، آنا دي آرماس مرة أخرى في فيلم «هاندز أوف ستون» في دور زوجة الملاكم دوران لا دور لها سوى تغطية عينيها عندما يخسر أو الهتاف له ومعانقته عندما يفوز ثم تركه عندما يتشاجران!
لا نعلم لماذا أدوار المرأة سطحية جداً في هذه الأفلام، لم لا تعطى المساحة المطلوبة أو ما يكفي لدفع القصة إلى الأمام! في كل الأفلام المذكورة آنفاً لو ألغينا أدوار الزوجات لما تأثر أي فيلم!
تذهب الناس إلى السينما بحثاً عن تجربة ترفيهية عالية، أو للاستمتاع بفيلم يعرض فناً خالصاً، لكن أن تذهب فترى عملاً ضائعاً في فوضى قصته لا تخرج منه سوى بصداع، فهذه بالتأكيد تجربة سينمائية سيئة.
عنوان هذه التجربة هو Miss Peregrine’s Home for Peculiar Children أو «بيت الآنسة بيرغرين للأطفال غريبي الأطوار»، وهو الفيلم الجديد لعبقري أفلام الخيال تيم بيرتون.
«ميس بيرغرين» (نتحدث عن الفيلم وليس الشخصية نظراً لطول اسمه) مقتبس من رواية بالاسم نفسه حققت نجاحاً كبيراً لا نعلم كيف ولماذا! للمؤلف رانسوم ريغز، منشورة عام 2011، الرواية / الفيلم فيهما ثلاث أو أربع قصص رديئة، كل واحدة منها تصلح أن تكون فيلماً مستقلاً لو صنعت على حدة، بدل الفوضى التي حدثت عندما دمجت مع بعضها في فيلم/ رواية واحدة.
لا نعلم ما هو أنسب وصف لهذا الفيلم، لكن لو قلنا إنه خليط بين «إكس مِن» و«غراوند هوغ داي» فتلك ستكون أدق إجابة. فتى مراهق خجول اسمه جيك (آسا بترفيلد) يعيش في فلوريدا في شارع يشبه ذلك الذي ظهر في فيلم بيرتون «إدوارد سيزرهاند»!
Image may be NSFW. Clik here to view.
تذهب الناس إلى السينما بحثاً عن تجربة ترفيهية عالية، أو للاستمتاع بفيلم يعرض فناً خالصاً، لكن أن تذهب فترى عملاً ضائعاً في فوضى قصته لا تخرج منه سوى بصداع، فهذه بالتأكيد تجربة سينمائية سيئة.
جيك فتى منبوذ ربما لمشكلات نفسية وعقلية، يحلم بأن يكون مستكشفاً لكنه يفتقد العزيمة، طوال حياته يستمع لقصص جده إيب (تيرينس ستامب) عن شبابه الذي أمضاه في بيت أيتام يتمتعون بقوى خارقة في جزيرة عند سواحل ويلز. كما جاء في رواية جده فإن والدَيْ إيب هربا من بولندا قبل الاحتلال النازي، وتركا إيب في عناية ميس بيرغرين (إيفا غرين) التي كانت تعتني بمجموعة أطفال في بيتها.
بعد وفاة الجد في ظروف غامضة، يقنع جيك والديه كريس أوداود وكيم ديكنز (التي تظهر في دور لا معنى له - لمن لا يتذكرها فقد ظهرت في دور المحققة في رائعة ديفيد فينشر Gone Girl منذ عامين) بالذهاب إلى الجزيرة للبحث عن منزل ميس بيرغرين.
تنضم طبيبة جيك النفسية ومستشارة الأسرة، أليسون جاني، إليه وتقنع والديه بأهمية الرحلة لحل مشكلاته النفسية والعقلية. والأغرب أن والديه يوافقان على الرحلة، لكن الأم انشغلت ببعض الأعمال في المنزل، ووالده الذي بالكاد نراه اختار مرافقة ابنه في تلك الرحلة، ليس للاهتمام به وتوثيق العلاقة بينهما، لكن ليمضي وقته بين بحثه في مراقبة الطيور والجلوس في الحانة!
طبعاً إبعاد الوالدين بتلك الطريقة الواهية ضروري في فيلم كهذا لأن بيرتون يريد إبهارنا بأطفال بيرغرين! نتمنى من القارئ الكريم ألا يقلب هذه الصفحة قبل التطرق إلى جزئية الأطفال!
بعد وصول جيك ووالده إلى الجزيرة لا نعلم كيف فجأة يكتشف الأول مغارة ثم يدخلها وينتقل بالزمن إلى الماضي في يوم الثالث من سبتمبر 1943، وهو آخر يوم في حياة بيرغرين وأطفالها قبل سقوط صاروخ نازي عليهم.
الآن دعونا نستعرض الأطفال وقدراتهم:
إيما بلوم (إيلا بورنيل) خفيفة جداً، بل أخف من الهواء، تستخدم حذاء حديدياً ثقيلا لو خلعته تطير كما تفعل الطائرة الورقية.
إينوك أوكونور (فينلي مكميلان) يستطيع التلاعب بالأموات وتحريكهم كدمى.
هيو أبيستون (مايلو باركر) لديه قدرة على إخراج النحل من فمه أو بطنه (لم يكن واضحاً تماماً لكن لا يهم)، المهم أنه يجب أن يغلق فمه حتى لا يتقيأ نحلاً!
كلير دينسمور (رافاييلا تشابمان) لديها فك مفترس خلف رأسها.
أوليف (لورين مكروستي) فتاة صهباء تلبس قفازات حتى تكبح قدرتها على إضرام النار في أي شيء تلمسه (مثل ديابلو في فيلم سوسايد سكواد)!
هناك فتى شفاف أو خفي، وفتاة إن لمست شيئاً يبدأ في التضخم، وفتى له قدرة على بث صور ضوئية مكبرة من عينيه، بالضبط مثل جهاز بروجيكتور السينما. وأخيراً التوأم المقنع الذي لا نتذكر قدرته الخارقة لأنه لم يترك أثراً أو شيئاً يستحق عليه الذكر.
وبالطبع قائدة المجموعة الحسناء المخيفة، ميس بيرغرين، التي تتحول إلى طائر حسب مزاجها. وأخيراً، الشرير بارون (ساميول إل جاكسون) الذي كان نائماً بالتأكيد وهو يؤدي هذا الدور التافه. الفيلم ليس مليئاً بتلك الشخصيات المملة فقط، بل هو غارق في حوارات كلها تفسيرات وشروحات لأشياء لا يمكن شرحها أساساً لسبب بسيط هو أنها لا تدخل العقل! كلها أساطير وخرافات خاصة بعالم الفيلم معظمها يناقض نفسه.
لا نعلم كيف لدى ميس بيرغرين القدرة على إعادة آخر 24 ساعة في حياتها وحياة أطفالها مراراً وتكراراً حتى لا تموت بذلك الصاروخ النازي، أي إنها تعيش أياماً هي أساساً اليوم الأخير نفسه معاداً، وكلما تأتي الطائرات النازية للقصف تخرج بيرغرين وتعيد اليوم لأوله! المشكلة أن بيرغرين لديها القدرة على الانتقال خارج منزلها لتجنب ذلك الصاروخ البائس لكنها لا تفعل ذلك! مشكلة أكبر، بيرغرين كما ذكرنا آنفاً تستطيع التحول إلى طائر، وبالتالي تستطيع الطيران والهجرة خارج الجزيرة لتجنب ذلك الصاروخ بسهولة لكنها لا تفعل وحسب! وفي كل أفلام السفر عبر الزمن التي شاهدناها فإن الأبطال لديهم حرية الحركة للهرب مما قد يؤذيهم!
جيك يدخل المغارة لأوقات طويلة ثم يخرج فجأة ووالده لا يبدو أنه مهتم! نعم، ربما لانشغاله بمراقبة الطيور على حساب ابنه! أياً كان السبب، لا يهم. المهم أن دخول جيك وخروجه يمثلان انتقال الفيلم من 2016 إلى 1943 والعكس بطريقة رديئة، بل هو أردأ انتقال عبر الزمن شاهدناه سينمائياً على الإطلاق.
ساميول إل جاكسون في دور الشرير مكرراً، حيث إن تسريحة شعره شبيهه بتلك التي ظهر بها في فيلم Unbreakable عام 2000. الوحوش أو المجوفون كما يسميهم الفيلم (التسمية مستعارة من هاري بوتر)، وكل أجزاء الفيلم استعارات من أفلام أخرى وليس هناك جزء واحد أصلي. هذا الفيلم من النوع الذي قد تخرج منه متسائلاً: ما كانت تلك الفوضى التي شاهدتها؟! وستنسى الفيلم قبل أن تحاول الإجابة! نقترح على بيرتون بعد هذا الفيلم الرديء أن يصنع فيلماً عن أكاديمية لرعاية هؤلاء الأطفال والاهتمام بقدارتهم كالتي في فيلم «إكس مِن»! لكن لا يبدو أن ذلك سيحدث لأن مبدع «أليس في بلاد العجائب» يبدو أنه قد نسي الوصفة السرية لأفلامه منذ أن غادر عالم أليس عام 2010.
مقولة: «الضحك بلا سبب قلة أدب»، أصبحت تنطبق على الأفلام الكوميدية الهزلية المنتجة في هوليوود. فمن أيام فيلم «غبي وأغبى» في التسعينات ونحن نشاهد النكات نفسها معادة. معظم هذه النكات حول فكرة خادشة للحياء أو تلاعب بالألفاظ، بحيث تكون الكلمة مزدوجة المعنى، أو حول موقف عن الفضلات الخارجة من جسم الإنسان.
Image may be NSFW. Clik here to view.
«الفيلم يخفق في أن يكون مثيراً كفيلم جريمة، ويخفق في الجانب الهزلي أي كأنه يتبجح بإضاعة وقتنا».
«كريستين ويغ ضائعة تماماً في الفيلم، فهي العقل المدبر للسرقة لكن الفيلم لا يعطيها ما يكفي من الوقت، ولا يمكن فهم دوافع شخصيتها أو طريقة تفكيرها».
«رغم أن الفيلم مليء بنجوم الكوميديا إلا أن تجربة مشاهدته أشبه بجلسة تعذيب ».
هناك قصة جيدة مدفونة في فيلم Masterminds أو «عقول مدبرة»، للأسف لا تجد لها أسلوب معالجة مناسباً وسط الفوضى. الفيلم مستند إلى قصة حقيقية حدثت عام 1997، عن عملية سطو على بنك «لوميس فارغو» بولاية كارولينا الشمالية، من الموظف المكلف بقيادة السيارة المصفحة المستخدمة في نقل الأموال، والذي سرق مبلغ 17 مليون دولار، ما اعتبرته وسائل الإعلام آنذاك ثاني أكبر عملية سطو على بنك في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
لا نظن أن القصة الحقيقية حدثت بالطريقة البلهاء نفسها، التي شاهدناها في الفيلم، لكن لو لم يكن الأمر كذلك فإن هذه الحادثة تستحق إعادة تصوير الفيلم لأجلها، ليكون جاداً أكثر من السيرك الهزلي في «ماسترمايندز».
رغم أن الفيلم مليء بنجوم كوميديا، أمثال زاك غاليفياناكيس وكريستين ويغ، إلا أن تجربة مشاهدته أشبه بجلسة تعذيب، أو اختبار قدرة تحمل فيلم ثقيل الظل مدة 94 دقيقة.
ورغم طبيعة القصة التهريجية، فإن معظم النص (كتبه إميلي سبايفي، وكريس بومان، وهابل بالمر)، يلتزم بالحقائق كما وردت في الواقعة الأصلية للبطل سيئ الحظ ديفيد غانت (زاك غاليفياناكيس)، وخطته التعيسة للاستيلاء على أموال البنك. في الفيلم وهو من إخراج جاريد هيس (أخرج نابليون داينمايت)، ديفيد حسب رؤية المخرج أو ربما رؤية استوديو الإنتاج رجل وحيد وفاشل، تقنعه زميلته كيلي كامبل (كريستين ويغ) بتنفيذ العملية. اقتناع ديفيد بكلام كيلي وقرار تنفيذ العملية أتيا نتيجة حبه لها، وعدم قدرته على مقاومتها، وهو مستعد لعمل أي حماقة لإرضائها.
تحصل فكرة كيلي على دعم من صديق طفولتها ستيف (أوين ويلسون)، وهي: ديفيد يمضي قدماً في السطو على البنك، ثم يسلم الأموال، ويطلق الجميع سيقانهم للريح!
هيس له تاريخ طويل في التعامل مع شخصيات حمقاء أو ساذجة نياتها طيبة. وهذا التاريخ نجده ممتداً في هذا الفيلم من خلال ديفيد، وهو شخصية مكتوبة ليتم الإشفاق عليها والسخرية منها وتجريحها من قبل الشخصيات الأخرى، وهي إحدى سمات أفلام الكوميديا الهزلية أو الغبية.
النقطة المثيرة للاهتمام هنا، هي أن ديفيد من الممكن أن يكون شخصية مرحة وخفيفة الظل ويتم الضحك معه بدل الضحك عليه! لكن «ماسترمايندز» يتمحور حول السخرية من ديفيد، عندما تكون جريمته في كونه أحمق وساذجاً! السؤال هو كيف تمكن شخص أحمق لا يبدو أنه يستطيع ربط حذائه أن يسرق هذا المبلغ الضخم من البنك الذي يعمل به؟! القصة الحقيقية لا تستوي مع الشخصية المكتوبة لهذا الفيلم.
هل يجب أن نوقف عملية اللاتصديق حتى نتقبل ما يحدث؟! لو فعلنا ذلك فمن غير المعقول أن تكون هذه القصة حقيقية، لكنها كذلك. في الحقيقة الفيلم قد يشتت المشاهد لأنه نفسه مشتت يريد الذهاب في اتجاهين في الوقت نفسه: الأول اتجاه القصة الحقيقية، والثاني اتجاه الهزلية الغبية، لكنه يبقى مكانه، ولا يذهب في أي اتجاه.
النتيجة ليست صعبة التخمين، فبعد كل الازدراء الذي يظهره الفيلم لديفيد، فإنه يتحول إلى كبش فداء لستيف وكيلي، عندما يتم كشفه ويضطر للهرب والاختفاء في المكسيك بمبلغ صغير جداً حتى تهدأ الأمور! أو بكلمات أخرى فإنهم لن يعطوه حصته! وبينما ديفيد مختبئ هناك، فإن ستيف يستمتع بحياته الجديدة خصوصاً بعد غسله الأموال، أما كيلي فدخلت في صراع نفسي بين مشاعرها لديفيد وإحساسها بالذنب، نتيجة تحريضها له على ارتكاب فعلته! هذا كله لايزال في سياق فيلم كوميدي.. عفواً تهريجي بالدرجة الأولى!
كان من الممكن عرض هذه القصة الحقيقية بصورة ترفيهية جيدة، كما حدث في فيلم Pain and Gain أو «ألم ومكسب»، لكن قرار هيس أو الاستوديو أخذه جهة الكوميديا التهريجية السخيفة. وما زاد الطين بلة إدخال شخصية أسوأ قاتل مأجور (جيسن سوديكيس)، فهناك مشهد تتكون فيه صداقة بينه وبين ديفيد، هو تحديداً أكثر المشاهد إصابة بالضجر، ثم كيت مكينون تهاجم ويغ في متجر! وهي كلها مشاهد تنحدر بمستوى الفيلم أكثر فأكثر ما يجعلنا نتساءل: ألم يتمكن هيس وكتابه الثلاثة من استشعار كل هذا الإسفاف، وحذف كل تلك الفوضى من الفيلم؟!
ويستمر مسلسل الإسفاف: مشهد مقرف في حوض سباحة (شاهدناه في فيلم ذا فيكيشن العام الماضي)، ديفيد يخبئ بعض الأموال في ملابسه الداخلية وعندما يخرجها ليدفع بها.. لا داعي لإكمال وصف بقية اللقطة. ليزلي جونز في دور المحققة تتم الإشارة إليها كرجل! وكل مشهد به مسدس يجب أن تنطلق منه رصاصة خطأ!
كريستين ويغ ضائعة تماماً في الفيلم، فهي العقل المدبر للسرقة أساساً، لكن الفيلم لا يعطيها ما يكفي من الوقت، ولا يمكن فهم دوافع شخصيتها أو طريقة تفكيرها.
لايبدو أبداً أن جاريد هيس كانت لديه رؤية أو رأي في اتجاه سير الفيلم، خصوصاً أن هذا النوع من الأفلام التي تفتقد وجود أي عنصر فني فيها وتخفق في عرض قصة جيدة ترسخ في الأذهان، يتم فرضه من الاستوديو على المخرج. هيس معروف أنه يكتب أفلامه، وبما أن اسمه موجود في خانة الإخراج فقط فذلك يعني أنه هنا ليقبض فقط! ولِمَ لا؟ أقل جهد مقابل مكافأة سخية!
الفيلم إجمالاً يخفق في أن يكون مثيراً كفيلم جريمة، ويخفق في الجانب الهزلي كذلك، أي كأنه يتبجح بإضاعة وقتنا. الشيء الوحيد الإيجابي في الفيلم أنه ينتهي بسرعة بين بداية بلهاء ونهاية تفوقها بلاهة.